للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[محظورات الحج]

وأما محظوراته فنوعان: أحدهما ما يفعله في نفسه؛ وذلك ست: الجماعُ، والحلقُ، وقلمُ الأظفارِ، والتطيب، وتغطيةُ الرأسِ والوجهِ، ولبس المخيطِ.

والثاني: ما يفعل في غيره وهو التعرض للصيد في الحل والحرم، وقطع شجر الحرم.

كذا في «الجامع الصغير» (١) لقاضي خان (٢)، و «التحفة» (٣) وغيرهما.

قوله -رحمه الله-: (الحجُّ وَاجِبٌ عَلَى الْأَحْرَارِ الْبَالِغين) (٤).

فجواب ذِكرِ الوجوب هاهُنا كجواب ذِكرِ الوجوب في قوله: (الزكاة واجبة) (٥)، وقد مرَّ في بابه (٦)، فإن قلتَ: ما فائدة الجمع هاهنا بقوله: (على الْأَحْرَار الْبَالِغين الْعُقَلَاء) (٧) مع أن حرف التعريف يُبطل معنى الجمعية لما عُرِف، ولم يُفرِد كما أفرد في الزكاة بقوله: (الزكاةُ واجبةٌ على الحرِ البالغِ العاقلِ) (٨)، [قلتُ] (٩) نعم كذلك إلا أنه قد يُلمَح جانب الجمعية؛ أيضاً في مواضع من الإثبات كما في الإقرار (١٠)، والخلع (١١)، والوصية (١٢) في قوله لفلان: عليَّ من الدراهم؛ وقولها: خالعني على ما في يدي من الدراهم وقوله: أوصيت بثلث مالي للفقراء، فلما كان كذلك فقد أُخرج الكلام هنا مخرج العادة في إرادة الجمعية، فإن العادة جرت فيما بين الحاجّ وقت خروجهم إلى بيت الله بالجماعة الكثيرة، والطائفة الغزيرة من الرفقاء بخلاف الزكاة، فإن الإخفاء خير من الإبداء، قال الله تعالى: {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} (١٣)، أو لأن الوجوب هاهنا أعمّ على المكلف نظراً إلى السبب، فإن سببية البيت في الحجّ ثابتة في حق الكل حتى قال بعض العلماء: بالوجوب على كل صحيح مكتسِب بخلاف الزكاة، فإن سببها النصاب النامي، وهو يتحقق في حق شخصٍ دون شخص، فكانت إرادة زيادة التعميم هاهنا أوفق، فلذلك أتى بصيغة الجمع مع حرف الاستغراق.


(١) شرح الجامع الصغير، وهومخطوط، للإمام فخر الدين الحسن بن منصور الأوزجندي المعروف بقاضي خان (ت ٥٩٢ هـ).
انظر: كشف الظنون (١/ ٥٦٩).
(٢) قاضي خان هو الإمام فخر الدين الحسن بن منصور الأوزجندي الفرغاني، المعروف بقاضي خان، من فقهاء الحنفية الكبار حتى قالوا: إن تصحيحه مقدّم على تصحيحِ غيره؛
انظر: الجواهر المضية (٢/ ٩٤)؛ تاج التراجم (ص/ ١٥١)؛ الفوائد البهية (ص/ ١١١).
(٣) كتاب: تحفة الفقهاء للإمام: محمد بن أحمد بن أبي أحمد، أبو بكر علاء الدين السمرقندي (المتوفى: نحو ٥٤٠ هـ) دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان - الطبعة: الثانية، ١٤١٤ هـ - ١٩٩٤ م.
(٤) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٢).
(٥) انظر: بداية المبتدي (١/ ٣٢).
(٦) ساقطة من (ج).
(٧) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٢).
(٨) انظر: بداية المبتدي (١/ ٣٢).
(٩) أثبته من (ج).
(١٠) الإقرار: أي أقر بالشيء جعله في قرارة، وقرر عنده الخبر حتى استقر، وفلان ما يتعارض في مكانه أي ما يستقر منه. انظر: مختار الصحاح، (١/ ٥٦٠).
(١١) الخلع: كالنزع الا أن النزع مهلة، وخلع قليدة ودانية خلعا، وخلع امرأته خلعا وخلعة، واختلعت هي، وهي خلع، وخلع العذار، مثل: أي رفع الحشمة، وهي بمعنى الفصح أيضا.
انظر: المحيط في اللغة، (١/ ٩).
(١٢) الوصية: تمليك للغير مضاف لما بعد الموت، والمملِّّك هو الموصي، ولمن له التمليك هو الموصى له. الوصيَّة: هو شيء يوصيك بهِ الشّخص لتفعلهُ وتكون على عاتِقك بحيث أنّ الشخص الذي أوصاك لا يستطيع فعلهُ بسبب مرض مزمن قد يؤدّي إلى الموت، أو أنّ يكتب ورقة وصيّة مثلاً بعد موتهِ يوصّي بأن يفعلَ الموصى بهِ شيئاً كتوزيع الأموال، التبرع، حسب ما هي الوصيّة بحيث يصبح الموصى بهِ هو المسؤول عن الشيء الذي أوصى بهِ المتوفَّى، ويجب عليهِ أن يفعلها.
انظر: معجم الفقهاء (٤٣٦) التعريفات (٥٤٤) المعجم الوسيط (٤/ ٦٥٧).
(١٣) سورة البقرة من الآية (٢٧١).