للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبيت بالمزدلفة تمهيداً لرمي الجمرات

بالدفع بأن يرضي (١) الخصوم بالازدياد في مثوباتهم حتى يتركواخصوماتهم في الدماء والمظالم، فاستوجب المغفرة عن هذا من عليه الدماء والمظالم.

قوله -رحمه الله-: (وقال الشافعي -رحمه الله-: إنه ركن).

ونسبة هذا القول إليه سهو وقع من الكاتب؛ لما أنه ذكر في كتب أصحاب الشافعي (٢) من «الوجيز» (٣)، للغزالي، وغيره أن الوقوف بالمزدلفة سنة، وذكر في «المبسوط» (٤) الليث بن سعد (٥) مكان الشافعي هنا.

وذكر في «الأسرار» (٦) علقمة (٧) مكان الشافعي، وذكر في «فتاوى قاضي خان» (٨) مالكًا مكان الشافعي، وذكر في «التحفة»، و «الإيضاح» (٩)، وغيرهما (١٠) / الوجوب من غير ذكر خلاف أحد، والمذكور فيما تلا الذكر.

وهو ليس بركن بالإجماع، فكيف تثبت ركنية الوقوف؟ يعني: أن الذكر بالمزدلفة لا يتصور إلا بعد كونه بالمزدلفة، والكون فيها عبارة عن الوقوف، ثُمَّ الإجماع منعقد على عدم ركنية المقتضى، وهو الذكر فكيف تثبت ركنية المقتضى؟ وهو الوقوف ثُمَّة مع أن المقتضى الذي هو غير مذكور يجب أن يكون أحط رتبة من المقتضى المنصوص؛ لأنه تبع للمنصوص، فلا يجوز أن يكون التبع أقوى حالًا من المتبوع.


(١) في (ب، ج): يرى.
(٢) الوقوف بمزدلفة واجب يجبر بدم، وهو قول الأئمة الأربعة، وفي قول للشافعي: إنه سنة، ولايجب بتركه دم، وعند ابن عباس، وابن الزبير ركن لايتم الحج إلا به.
انظر: البدائع (٢/ ١٣٥)، عقد الجواهر (١/ ٤٠٩)، المجموع (٨/ ١٢٢)، الشرح الكبير ٩/ ١٨٣).
(٣) انظر: الوجيز (١/ ٢٦٣).
(٤) انظر: المبسوط (٤/ ٦٣).
(٥) الليث بن سعد بن عبدالرحمن الفهمي، أبو الحارث المصري، الإمام الحافظ الفقيه، شيخ الإسلام عالم الديار المصرية، ولد سنة أربع وتسعين، وسمع من التابعين مثل عطاء، وأبي الزبير، مات ليلة الجمعة من نصف شعبان سنة خمس وسبعين ومائة للهجرة.
انظر: سير أعلام النبلاء (٨/ ١٢٢)، التهذيب (٨/ ٤٩٥).
(٦) انظر: الأسرار (ص ٣٨٢).
(٧) علقمة أبن قيس ابن عبدالله النخعي الكوفي الفقيه فقيه الكوفة وعالمها ومقرئها، روى عن عمر وعثُمَّان و عبدالله بن مسعود، وتصدر للفتيا بعد علي وابن مسعود، مات في خلافة يزيد.
انظر سير أعلام النبلاء (٤/ ٥٣ - ٦١).
(٨) انظر: العناية شرح الهداية (٢/ ٤٨٢).
(٩) نقلًا عن البناية شرح الهداية (٤/ ٢٣٦). قوله (وفي " الإيضاح " الركن لا يثبت إلا بدليل مقطوع به، وقد أجمعت الأمة أن الوقوف بعرفة وطواف الزيارة من جملة الأركان، وفي الوقوف بمزدلفة لم ينعقد الإجماع بل الحديث ورد به.
(١٠) ساقطة من (ج).