للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ الَّتِي تَتَقَدَّمُهَا (١)

قَدَّمَ ذِكْرَ الشَّرْطِ عَلَى الصَّلَاةِ، لِأَنَّ شَرْطَ الشَّيْءِ؛ هُوَ مَا يَتَوَقَّفُ وُجُودُ ذَلِكَ الشَّيْءِ عَلَيْهِ سَوَاءَ كَانَ ذَلِكَ فِي الْعِلَّةِ، أَوْ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ وُجُوبِ الصَّلَاةِ، إِنَّمَا تَتَوَقَّفُ عِلَّتُهَا عَلَى وُجُودِ الْعَقْلِ، وَالْبُلُوغِ، وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ، وَهِيَ الْحُكْمُ؛ إِنَّمَا يَتَوَقَّفُ صِحَّتُهَا عَلَى وُجُودِ هَذِهِ الشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ، ثُمَّ قَدَّمَ الْوَقْتَ وَمَا يُضَافُ إِلَيْهِ، مِنْ بَيْنِهَا لِمَا أَنَّهُ كَمَا هُوَ شَرْطٌ، فَهُوَ عِلَّةُ الْوُجُوبِ أَيْضًا، فَكَانَ لَهُ زِيَادَةُ قُوَّةٍ، عَلَى سَائِرِ الشُّرُوطِ.

فَإِنْ قُلْتَ: مَا مَعْنَى تَقْيِيدِ هَذَهِ الشُّرُوطِ، بِقَوْلِهِ: (شُرُوطُ الصَّلَاةِ الَّتِي تَتَقَدَّمُهَا)؛

أَيْ: يَتَقَدَّمُ عَلَى الصَّلَاةِ؛ فَأَيُّ شَرْطٍ لِلصَّلَاةِ، هُوَ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا؛ حَتَّى يَكُونَ هُوَ مُحْتَرِزًا عَنْهُ؟

[أَنْوَاعُ شُروطِ الصَّلاة]

قُلْتُ: الشُّرُوطُ فِي أَنْفُسِهَا تَتَنَوَّعُ إِلَى أَنْوَاعٍ ثَلَاثَةٍ:

شُرُوطٌ عَقْلِيَّةٌ: كَوُجُودِ الْأَلَمِ؛ وَاللَّذَّةِ مَعَ الْحَيَاةِ.

وَجَعْلِيَّةٌ: أَيْ جَعَلَهَا الْعِبَادُ شَرْطًا؛ وَإِلَّا هُوَ فِي نَفْسِهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ؛ كَوُقُوعِ الطَّلَاقِ عِنْدَ دُخُولِ الدَّارِ مَعَ التَّعْلِيقِ.

وَشَرْعِيَّةٌ: وَهِيَ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا كَالصَّلَاةِ مَعَ الطَّهَارَةِ، وَقُيِّدَ بِهَذَا الْقَيْدِ [تَنْبِيهًا] (٢) عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا هَذِهِ الشُّرُوطُ الشَّرْعِيَّةُ الْمُخْتَصَّةُ بِالصَّلَاةِ؛ الَّتِي تَتَقَدَّمُ هِيَ (٣) عَلَى الصَّلَاةِ لَا غَيْرِهَا مِنَ الشُّرُوطِ؛ الَّتِي يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الشُّرُوطِ؛ مِنَ الْعَقْلِيَّةِ، وَالْجَعْلِيَّةِ، كَذَا وَجَدْتُ بِخَطِّ ثِقَةٍ.

أَوْ نَقُولُ: جَازَ أَنْ يَكُونَ هَذَا احْتِرَازاً؛ عَنْ سَائِرِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ؛ الَّتِي لَا تَتَقَدَّمُهَا؛ كَالْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ فَقَدْ (٤) قِيلَ؛ إِنَّهَا فَرْضٌ، وَلَيْسَ بِرُكْنٍ أَصْلِيٍّ، بَلْ هِيَ شَرْطُ الْخُرُوجِ مِنَ الصَّلَاةِ كَالتَّحْرِيمَةِ؛ فَإِنَّهَا شَرْطُ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ، وَلَيْسَتْ بِرُكْنٍ، كَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ -رحمه الله-.


(١) (التي تتقدمها): ساقطة من (ب) ..
(٢) في (أ): (تبينًا). والأقرب للسياق ما أثبت من (ب): (تنبيهاً).
(٣) (هي): زيادة من (ب).
(٤) (فقد): زيادة من (ب).