للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا (١) أي: على القائد، والسَّائق (٢)؛ لأنَّ القائد يقرب (٣) للإبل ممَّا أصاب بالصَّدمة أو غير ذلك، وكذلك السَّائق يقرب (٤) من ذلك فيشتركان في الضَّمان لاستوائهما في التَّسبيب، وإن كان معهما سائق الإبل وسط القطار فالضَّمان في جميع ذلك عليهم أثلاثاً؛ لأنَّ الذي هو وسط القطار سائق لما بين يديه من الإبل قائد لما خلفه والقائد والسَّائق في حكم الضَّمان سواء، وكذلك إن كان يكون أحيانا وسطها وأحيانًا يتقدم وأحيانًا يتأخَّر؛ لأنَّه في جميع الأحوال سائق للقطار أو قائد ولو كان رجل راكباً وسط القطار على بعير ولا يسوق منها شيئاً لم يضمن مما تصيب الإبل التي بين يديه؛ لأنَّه ليس بسائق لما بين يديه ولكن هو معهم في الضَّمان فيما أصاب البعير الذي هو عليه وما خلفه، أمَّا في البعير الذي هو عليه؛ لأنَّه راكب وأمَّا فيما خلفه؛ فلأنَّه قائد لما خلفه؛ لأن زمام ما خلفه مربوط ببعيره.

وقال بعض المتأخرين: هذا إذا كان زمام ما خلفه بيده يقوده وأمَّا إذا كان هو نائمًا على بعيره أو قاعدًا لا يفعل شيئاً يكون (٥) به قائدًا لما خلفه، فلا ضمان عليه في ذلك وهو في حقِّ ما خلفه بمنزلة المتاع الموضوع على بعير كذا في «المبسوط» (٦).

[[جهل القائد بربط الرابط]]

(وَالقَائِدُ لا يَعْلَمُ (٧) قَيَّد به ليبني عليه قوله: (ثُمَّ يَرْجِعُونَ بِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الرَّابِطِ (٨) أي: على عاقلة القائد يرجعون على عاقلة الرَّابط فيما إذا لم يعلم القائد رباط الرَّابط وأمَّا إذا علم فلا يرجع عاقلة القائد على عاقلة الرَّابط.

وحاصله: أن جهل القائد بالرَّبط لا ينفي ابتداء وجوب الضَّمان عنه لوجوب (٩) الإتلاف منه وإن كان جاهلاً والجهل يزيل الإثم دون الضَّمان (كَالنَّائِمِ إِذَا انْقَلَبَ عَلَى (١٠) إنسان فأتلفه (١١).


(١) بداية المبتدي (٢٥١).
(٢) قال الامام القدوري: ومن قاد قطارا: فهو ضامن لما وطئ، فإن كان معه سائق: فالضمان عليهما. يُنْظَر: مختصر القدوري (٢٩١).
(٣) وفي (ب) (مقرب).
(٤) وفي (ب) (مقرب).
(٥) كذا في (أ) و (ب)، وفي المبسوط (لا يكون)، والسياق يقتضيها.
(٦) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٧/ ٣، ٤).
(٧) أي: وإن ربط رجل بعيرا إلى القطار والقائد لا يعلم. يُنْظَر: بداية المبتدي (٢٥١).
(٨) بداية المبتدي (٢٥١).
(٩) وفي (ب) (لوجود)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في البناية شرح الهداية (١٣/ ٢٦٥).
(١٠) الهداية شرح البداية (٤/ ٢٠٠).
(١١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ٢٠٠)، العناية شرح الهداية (١٥/ ٣٧٧، ٣٧٨)، البناية شرح الهداية (١٣/ ٢٦٥).