للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في المبسوط: "وقيل: من مذهبنا كراهة القسمة في دار الحرب لا بطلان القسمة؛ لما في القِسمة من قطع شركة المدد، فَيقِلُّ بها رغبتهم في اللُّحوق بالجيش؛ ولأنَّه إذا قسم تفرَّقوا؛ فرُبَّما يكثر العدو على بعضهم، وهذا أمر وراءما يتمّ به القسمة، فلا يمنع جوازها" (١).

(ووجه الكراهة أنَّ دليل البطلان راجح) بدليل عَدَم الملك بمجرَّد الاستيلاء بالدَّليل الذي ذكرنا، أو أنَّ دليل البطلان محرِّم، والمحرِّم راجح على المبيح.

(إلا أنَّه تقاعدعن سلْب الجواز) أي: بالإجماع (٢)، أمَّا الشافعي فقال بالجواز مطلقًا (٣)، ونحن نقول به مع الكراهة.

(فلا يتقاعد عن إيراث الكراهة)؛ لأنَّ الدليل المرْجوح لمَّا لم يبطُلْ أصلًا حصل في معارضة الدَّليلين مِن الدَّليل الرَّاجح والمرجوح الكراهة، كما في سُؤر الهرّة. وَهذا الذي ذكره عند عدم الحاجة. أمَّا لو احتاج الغزاة إلى الانتفاع بالمتاع والثياب والدوابّ، قَسمها الإمام بينهم في دار الحرب لتحقُّق حاجتهم عليه شاركوهم فيها؛ خلافًا للشافعي (٤).

"وعند الشافعي لا شركة للمدد إذا لحِق الجيشَ بعد الإصابة (٥)؛ بناءً على أصله أنَّ السبب هو الأخذ، والملك يثبت بنفس الأخذ. وَعندنا، السَّببُ هو القهر، وتمام القهر بالإحراز بدار الإسلام، فَإذا شارك المدد الجيش في الإحراز الَّذي به يتِمُّ السَّبب يشاركونهم في تأكُّد الحقِّ به، كما لو التحقوا بهم في حالة القتال" (٦)، كذا في المبسوط.

[[سهم أهل سوق العسكر]]

(ولا حقَّ لأهل سوق العسكر (٧) في الغنيمة)

وهذا اللَّفظ بإطلاقه يَتناول (٨) نفيَالسَّهم والرَّضْخ (٩).


(١) المبسوط للسرخسي (١٠/ ٣٤).
(٢) ينظر البناية شرح الهداية (٧/ ١٤١).
(٣) ينظر الأم للشافعي (٧/ ٣٦٤).
(٤) المرجع السابق.
(٥) ينظر الأم للشافعي (٧/ ٣٦١).
(٦) المبسوط للسرخسي (١٠/ ٣٥).
(٧) يظهر أنّ المراد بأهل سوق العسكر: هم الذين يزاولون التجارة في العسكر، ويؤيده قوله: "لأن قصدهم التجارة لا إرهاب العدو وإعزاز الدين". والله أعلم.
(٨) ساقط من (ب).
(٩) والرضخ: رضخت له رضخا من باب نفع ورضيخا أعطيته شيئا ليس بالكثير. المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (١/ ٢٢٨).
الرضخ بالمعجمتين من قولهم، أرضخ فلان بفلان ماله إذا أعطاه قليلًا من كثير، والاسم الرضيخة يقال: أعطاه رضيخة من ماله ورضاخة كذا ذكره ابن دريد. البناية شرح الهداية (٧/ ٣٤٩).