للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«فيستوجب الأجر بمنافعه» (١)؛ أي: فيستوجب الأجير الأجر على المستأجر بمنافع نفسه؛ لأنَّ عمل الأجير كله في مدة الإجارة للمستأجر، فصار الأجير حينئذٍ بالشَّهادة للمستأجر مستوجباً للأجر عليه، فصار الأجير بمنزلة المستأجر على الشَّهادة؛ لأنَّ شهادته عملٌ من أعماله، فجميع أعماله مستحقة للمستأجر في المدة، بدليل عدم جواز إجارة نفسه لغير المستأجر في المدة، وهو معنى قوله: «فيصير كالمستأجر عليها»؛ أي: على الشَّهادة التحيز والتحول بهم (٢).

[آمدن وبرخود بيجيدن] ألا ترى «متحيزة» (٣)، أي: يد كل واحد من الزَّوجين مجتمعة بنفسها، غير متصرفة في ملك الآخر، غير متعدية إليه، فكانت الزًّوجية نظيرة الأخوة، أو دونها، فإن الزوجية تحتمل القطع والأخوة لا تحتمل، لا نظيرة الولاد؛ [لأن] (٤) كل واحد من الوالدين والولد يتصرف في مال صاحبه (٥).

«كما في الغريم» (٦)، أي: رب الدين.

[في شهادة أحد الزوجين للآخر]

«ولنا ما روينا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ولا المرأة لزوجها» (٧).

«ولأن الانتفاع متصل عادةً» (٨)، ولهذا لو وطئ جارية امرأته، وقال: ظننت أنَّها تحل لي فإنَّه لا يحد، كما لو وطيء الأب جارية ابنه بخلاف جارية الأخ (٩).

وهذا لأنَّ الاتحاد بين الزوجين بالزوجية نفساً ومالاً أكثر مما يكون [بين] (١٠) الولد والوالد في العادة والشَّريعة، فإنَّهما بالزوجية يصيران كشخص واحد في إقامة أسباب المعيشة عرفاً وشرعاً، ويكونان كمصراعي باب، وزوجي نعل.

«[ولهذا] (١١): «جعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أموراً داخل البيت على فاطمة، وأموراً خارج البيت على علي - رضي الله [عنهما] (١٢)» (١٣)، وبهما تقوم مصالح المعيشة.


(١) الهداية (٣/ ١٢٢).
(٢) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٤١)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (٤/ ٢٢٠).
(٣) قال في الهداية (٣/ ١٢٢): «ولا تقبل شهادة أحد الزوجين للآخر».
(٤) في «س»: [فإن].
(٥) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٤١).
(٦) الهداية (٣/ ١٢٢).
(٧) لم يرو مسنداً، وهو من قول شريح، أخرجه: أبو يوسف في كتب الآثار (١/ ١٦٢)، وابن أبي شيبة في المصنف (٤/ ٥٣١)، وقال ابن حجر في الدراية: «ويقال إن الخصاف أخرجه بإسناده مرفوعاً، وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة من قول شريح».
(٨) الهداية (٣/ ١٢٢).
(٩) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٤١)، العناية شرح الهداية (٧/ ٤٠٦).
(١٠) في «ج»: [بين من].
(١١) في «ج»: [وبهذا].
(١٢) في «ج»: [عنه].
(١٣) أخرجه: ابن أبي شيبة في المصنف (٦/ ١٠)، رقم (٢٩٠٦٩)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (٦/ ١٠٤)، وقال البوصيري في إتحاف المهرة (٤/ ١٢٣): «إسناده مرسل ضعيف، لضعف أبي بكر بن عبد الله».