للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: الحال لا يخلو: إما إن كان رب النخيل عالِماً ببطلان الإجارة، أو لم يكن، فإن كان فظاهر؛ لأن الإذن حينئذ كان متفرداً عن الإجارة، فصار كأنه لم يكن فيه إجارة أصلاً، وإن لم يكن عالِماً أنزل عالِماً؛ لأن الجهل في دار الإسلام ليس بعذر (١)، وكان الإذن متفرداً عن الإجارة تقديراً

(فاسدة للجهالة)

أي: لجهالة وقت إدراك (٢) / الثمار

(ولو اشتراها مطلقاً)

أي: لو اشترى الثمار مطلقاً عن قيد شرط الترك على النخيل؛ لتعذر التميز بين الثمر الذي خرج بعد البيع وبين الثمر الذي كان خارجاً قبل البيع (٣)

(لأنه في يده)

فيكون الظاهر شاهداً له، فلذلك كان القول قوله، كما في سائر الأملاك.

[[بيع الثمرة بشرط الإستثناء منها]]

ولا يجوز أن تبيع ثمرة ويستثني منها أرطالاً (٤) معلومة

أطلق الرواية ولم يقيد بأن البيع في الثمر على رؤوس النخيل، أو في ثمرة مجدودة.

وما ذكر في شرح الطحاوي يدل على أن الحكم فيهما سواء، فقال: "وههنا إذا باع الثمر على رؤوس النخيل إلا صاعاً منها يجوز البيع؛ لأن المستثنى معلوم، كما إذا كان الثمر مجدوداً موضوعاً على الأرض، فباع الكل إلا صاعاً يجوز" (٥).

وروى الحسن بن زياد (٦) أنه لا يجوز، كما قال الطحاوي في الكتاب [كذا في شرح الطحاوي، وكأن ما ذكره أولاً في الكتاب (٧) بأنه لا يجوز كان على رواية الحسن ابن زياد راجعة إلى الصورتين في شرح الطحاوي] (٨)؛ لأن الباقي بعد الاستثناء مجهول فيفسد.


(١) قال في التيسير: "ولهم: الجهل في دار الإسلام ليس بعذر؛ لاستفاضة الأحكام وشيوعها فيها، والاستفاضة فيها أقيمت مقام العلم: فعلى هذا كون الجهل عذراً يخص بابتداء الإسلام، لكن مقتضى الدليل ما ذكرناه؛ إذ لا وجه لإقامة الاستفاضة في غير بلده مقام العلم، وإن كان بعيداً، اللهم إلا أن يؤاخذ بترك المهاجرة لطلب العلم مع قدرته عليها". تيسير التحرير (٤/ ٢٢٥)، فتح القدير (٢/ ٥١٢).
(٢) "إدراك" في (ب)، وفي (أ) "الإدراك".
(٣) قال في الهداية: "ولو اشتراها مطلقاً فأثمرت ثمراً آخر قبل القبض فسد البيع؛ لأنه لا يمكنه تسليم المبيع لتعذر التمييز" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٤٧).
(٤) الرطل -بكسر الراء وفتحها وكسر الراء أفصح-: معيار يوزن به، وللعلماء في مقدار الرطل العراقي ثلاثة أقوال:
الأول: أصحها، أنه مائة درهم وثمانية وعشرون درهماً وأربعة أسباع درهم.
الثاني: مائة وثمانية وعشرون.
الثالث: مائة وثلاثون، وإذا أطلق في كتب الفقهاء فالمراد به رطل بغداد، الرطل = ١٢ أوقية (٤٥٠ جراماً). المصباح المنير (١/ ٢٣٠)، معجم المصطلحات (٢/ ١٥٦).
(٥) ينظر: شرح مختصر الطحاوي (٣/ ٥٢).
(٦) الحسن بن زياد اللؤلؤي الكوفي، صاحب الإمام أبي حنيفة. قال يحيى ين آدم: ما رأيت أفقه من الحسن بن زياد، ولي القضاء بالكوفة، ثم استعفي عنه. توفي سنة أربع ومائتين رحمه الله تعالى. الجواهر المضية (١/ ١٩٤).
(٧) قال في الهداية: "ولا يجوز أن يبيع ثمرة ويستثني منها أرطالاً معلومة" خلافاً لمالك -رحمه الله-؛ لأن الباقي بعد الاستثناء مجهول، بخلاف ما إذا باع واستثنى نخلاً معيناً؛ لأن الباقي معلوم بالمشاهدة. قال رضي الله عنه: قالوا هذه رواية الحسن، وهو قول الطحاوي" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٤٧).
(٨) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).