للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(كالمستفيد به) (١)

أي: يملك العبد، فإن المشتري لو قتل عبده استفاد (٢) سلامة نفسه بسبب الملك؛ لأنه لولا الملك لَقُتل به أو وجبت القيمة، فبالملك لا يجب القصاص، ولا (٣) القيمة، فصار كأنه أخذ عوضاً بإزالة ملكه بالقتل، كما لو باع وأخذ الثمن، وهناك لا يرجع بنقصان العيب، فكذا هنا، بخلاف الإعتاق، فإنه ليس بعقد موجب للضمان على الإنسان في ملك الغير مطلقاً؛ لأن إعتاقه في ملك الغير لا ينفذ، ومن أخذ الشريكين وإن نفذ فلا يتعلق به الضمان مطلقاً، حتى إذا كان معسراً لم يضمن شيئاً، فهو لم يستفد عوضاً عن ملكه حقيقة وحكماً (٤).

[أكلُ المشتري للطعام المعاب]

(وأما الأكل فعلى الخلاف عندهما يرجع)

أي: بنقصان العيب.

(وعنده) أي: وعند أبي حنيفة - رحمه الله -.

(لا يرجع)، وذكر في الخلاصة (٥) والفتوى على قولهما: "وله أنه تعذر الرد بفعل مضمونة منه في المبيع، فلا يرجع بنقصان العيب، كالإحراق والقتل؛ وهذا لأن الأكل واللبس موجب للضمان عليه في ملك العبد (٦)، وإنما استفاد البراءة باعتبار ملكه في المحل، فلذلك (٧) بمنْزلة عوض يسلم" كذا في المبسوط (٨).

(ولا معتبر بكونه مقصوداً)

هذا جواب عن قولهما:

(بأنه صنع في المبيع ما يقصد بشرائه)

"لأن الطعام كشيء واحد، لا يرد بعضه بالعيب دون البعض، وعن أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله (٩) - روايتان فيما إذا أكل البعض في إحدى الروايتين رجع لنقصان العيب (١٠) في الكل؛ لأن الطعام في حكم شيء واحد، فلا يرد بعضه بالعيب.


(١) قال في الهداية: "أما القتل فالمذكور ظاهر الرواية، وعن أبي يوسف -رحمه الله- أنه يرجع؛ لأن قتل المولى عبده لا يتعلق به حكم دنياوي، فصار كالموت حتف أنفه، فيكون إنهاءً. ووجه الظاهر أن القتل لا يوجد إلا مضموناً، وإنما يسقط الضمان هاهنا باعتبار الملك، فيصير كالمستفيد به عوضاً، بخلاف الإعتاق؛ لأنه لا يوجب الضمان لا محالة، كإعتاق المعسر عبداً مشتركاً، وأما الأكل فعلى الخلاف، فعندهما يرجع وعنده لا يرجع استحساناً". الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٦٥)، فتح القدير (٦/ ٣٤١).
(٢) "استغلا" في (ب).
(٣) سقط من (ب).
(٤) قال في الهداية: (لأنه لا يوجب الضمان لا محالة، كإعتاق المعسر عبداً مشتركاً). الهداية (٣/ ٩٦٥).
(٥) متى أطلق "الخلاصة" فالمراد بها "شرح التهذيب"، وأما المشهورة فتقيد بالفتاوى. الثمار الجنية في الفوائد الحنفية (ص: ١١).
(٦) "الغير" في (ب) وهي في هامش (أ).
(٧) "فذلك" في (ب).
(٨) المبسوط للسرخسي (١٣/ ١٠١).
(٩) سقطتا من (ب).
(١٠) سقط من (ب).