للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله (كمن غصب شاة وذبحها وشواها أو طبخها) إنما قيّد بالشي (١) والطبخ؛ لأن بمجرد الذبح لا ينقطع حق المالك على ما ذكرنا، (ولكن المالك يُضَمِّن الغاصب النقصان في ظاهر الرواية (٢)، وفي رواية (٣) الحسن عن أبي حنيفة-رحمهما الله- أنه لا يُضمِّنه شيئًا؛ لأن الذبح والسلخ في الشاة زيادة، ولهذا يلتزم بمقابلته العوض، ولكن ما ذكره في ظاهر الرواية أصح؛ لأنه زيادة من حيث التفويت إلى الانتفاع باللحم، ولكنه نقصان (٤) بتفويت سائر الأغراض من الحيوان، فلأجله يثبت الخيار، فكان هذا والقطع في الثوب سواء، يُضمِّنه النقصان، إن شاء أخذ المذبوح، وإن شاء تركها وضمن قيمتها). كذا في «المبسوط» (٥).

[[جواز تضمين النقصان مع أخذ العين في الأموال الربوية عند الشافعي]]

(وقال الشافعي (٦) (٧) - رحمه الله- لا ينقطع حق المالك) بل يأخذ الدقيق، ويُضمِّنه النقصان إن كان؛ لأنَّ على أصله تضمين النقصان مع أخذ العين في الأموال الربوية جائز (وهو رواية عن أبي يوسف (٨) - رحمه الله-) وذَكر في «الإيضاح» (٩) رُوي عن أبي يوسف-رحمه الله- ثلاث روايات:


(١) شوَى اللَّحم: أنضجَه بالنّار مباشرة، وجعلَه صالحًا للأكل. معجم اللغة العربية المعاصرة (٢/ ١٢٥١).
(٢) انظر: المبسوط للشيباني (١٢/ ١٤٧)، بدائع الصنائع (٧/ ١٥٨)، الاختيار (٣/ ٦٣).
(٣) قال السمرقندي: (ورُوي عن أبي حنيفة أن المالك بالخيار إن شاء أخذها ولا شيء له غيرها، وإن شاء تركها وضمنه قيمتها يوم غصبها؛ لأن الذبح زيادة). تحفة الفقهاء (٣/ ٩٣).
(٤) سقطت في (ع).
(٥) للسرخسي (١١/ ٨٦).
(٦) قال الشافعي: (وإذا غصب الرجلُ من الرجل قمحًا فطحنه دقيقًا نَظَر، فإن كانت قيمة الدقيق مثل قيمة الحنطة أو أكثر فلا شيء للغاصب في الزيادة، ولا عليه؛ لأنه لم ينقصه شيئًا وإن كانت قيمة الدقيق أقل من قيمة الحنطة رجع على الغاصب بفضل ما بين قيمة الدقيق والحنطة، ولا شيء للغاصب في الطحن؛ لأنه إنما هو أثر لا عين). الأم (٣/ ٢٦٣). وكذلك انظر: الحاوي الكبير (٧/ ١٩١)، روضة الطالبين (٥/ ٢٤)، تحفة المحتاج (٦/ ٢١)، نهاية المحتاج (٥/ ١٦٣).
(٧) وبقول الشافعي قال أحمد. انظر: المغني لابن قدامة (٥/ ١٩٦).
(٨) انظر: المحيط البرهاني (٥/ ٤٧١)، البناية شرح الهداية (١١/ ٢٠٥).
(٩) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٥٣)، المحيط البرهاني (٥/ ٤٧١).