للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السُّنة في قراءة الفجر]

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَإِنْ كَانَ فِي أَمَنَةٍ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ نَحْوَ سُورَةِ الْبُرُوجِ وَانْشَقَّتْ).

فَإِنْ قُلْتَ: لَمَّا كَانَ فِي حَالِ أَمْنٍ وَقَرَارٍ فِي السَّفَر ِ؛ كَانَ هُوَ وَالْمُقِيمُ سَوَاءٌ فِي أَنَّهُ (١) لَا حَرَجَ عَلَيْهِمَا فِي مُرَاعَاةِ سُنَّةِ الْقِرَاءَةِ؛ بِالتَّطْوِيلِ، وَالْمُقِيمُ يَقْرَأُ مِنْ أَرْبَعِينَ إِلَى سِتِّينَ فِي أَقَلِّ مَا يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ.

فَلِمَ انْحَطَّ حَالُ الْمُسَافِرِ (٢) مِنْ حَالِ الْمُقِيمِ؛ فِي قَدْرِ الْقِرَاءَةِ مَعَ مُسَاوَاتِهِمَا (٣) فِي الْأَمْنِ وَالْقَرَارِ؟

قُلْتُ: مَعَ أَنَّ الْمُسَافِرَ سَاوَى (٤) الْمُقِيمَ فِي (٥) الْأَمْنِ، وَالْقَرَارِ لَكِنْ قِيَامُ السَّفَرِ (٦) مَعَهُ أَوْجَبَ التَّخْفِيفَ، وَالْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ الْعِلَّةِ لَا مَعَ الْحِكْمَةِ (٧)، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ؛ مَعَ ذَلِكَ الْأَمْنِ، وَالْقَرَارِ؛ لِوُجُودِ عِلَّةِ التَّخْفِيفِ، مَعَ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ نَحْوِ سُورَةِ الْبُرُوجِ، وَرَدَ فِي الْأَثَرِ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَرَأَ بِمِثْلِهِ فِي الْحَضَرِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ.

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَيَقْرَأُ فِي الْحَضَرِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بِأَرْبَعِينَ آيَةً أَوْ خَمْسِينَ آيَةً) (٨)، فَإِنْ قُلْتَ: هَذَا اللَّفْظُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ (٩) أَرْبَعِينَ آيَةً؛ مُنْقَسِمَةٌ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ؛ فَحِينَئِذٍ نَصِيبُ (١٠) كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ عِشْرُونَ آيَةً؛ وَهُوَ خِلَافُ مَا نُقِلَ مِنَ الآثَارِ.

وَقَدْ ذُكِرَ فِي " الْمَبْسُوطِ ": (وَعَنْ مُورِّقٍ الْعَجْلِيِّ -رحمه الله- (١١) قَالَ (١٢): (تَلَقَّفْتُ سُورَةَ ق وَاقْتَرَبَتْ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِكَثْرَةِ قِرَاءَتِهِ إِيَّاهُمَا فِي صَلَاةِ الْفَجْر) (١٣) (١٤) وَلَا يُمْكِنُ حَمْلَهُ عَلَى أَنَّهُ قَرَأَ بَعْضَ سُورَةِ {ق}، فِي (١٥) رَكْعَةٍ؛ وَالْبَعْضُ فِي رَكْعَةٍ لَمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ قِرَاءَةُ سُورَةٍ تَامَّةٍ فِي رَكْعَةٍ، وَقَدَ أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِلَالاً -صلى الله عليه وسلم- عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَفِعْلُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مَحْمُولٌ عَلَى مَا هُوَ الْأَوْلَى فِي الْبَابِ.


(١) في (ب): (آية).
(٢) في (ب): (السفر).
(٣) (فِي قَدْرِ الْقِرَاءَةِ مَعَ مُسَاوَاتِهِمَا) ساقطة من (ب).
(٤) في (ب): (يساوي).
(٥) (الْمُقِيمَ فِي) ساقطة من (ب).
(٦) (السَّفَرِ) ساقطة من (ب).
(٧) في (ب): (الحكم).
(٨) استثني صاحب الهداية من هذه الأعداد سورة الفاتحة. ينظر: "الهداية شرح بداية المبتدي" (١/ ٥٥).
(٩) (أَنَّ) ساقطة من (ب).
(١٠) في (ب): (يصيب).
(١١) هو مورق العجلي. أبو المعتمر، بصري كبير القدر، وأظنه توفي في الطبقة الماضية، روى عن: عمر وأبي الدرداء، وأبي ذر، وابن عمر، وجندب، وعبد الله بن جعفر، وجماعة، وعنه: توبة العنبري، وقتادة، وعاصم الأحول، وحميد الطويل، وإسماعيل بن أبي خالد، قال ابن سعد: كان ثقة عابدًا، توفي في ولاية عمر بن هبيرة على العراق. توفي سنة ١١٠ هـ. انظر: "تاريخ الإسلام للذهبي" (٣/ ١٧١) "سير أعلام النبلاء للذهبي" (٤/ ٣٥٣).
(١٢) (قَالَ) ساقطة من (ب).
(١٣) لم أجده هكذا، وإنما الثابت ما أخرجه مسلم وأصحاب السنن عن جابر بن سمرة قال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في الفجر بـ[ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ] {سورة: ق: ١} وكان صلاته بعد تخفيفا. أخرجه مسلم في"صحيحه" (ص ١٩٢)، كتاب الصلاة، باب القراءة في الصبح، حديث (٤٥٨).
(١٤) "المبسوط" للسرخسي (١/ ١٦٣).
(١٥) في (ب): (و).