للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[المعتبر في حالة الرمي]]

وهما يقولان بقول أبي حنيفة -رحمهم الله-: في أنَّ المعتبر حالة الرمي ولهذا وافقاه في هذه المسائل إلا أنَّ (١) المرمي إليه في مسألتنا لما ارتد صار مبرئاً الرَّامي عن الدية بإخراجه نفسه من أن يكون معصوماً وفعله مُعتبر في إسقاط حقِّه كما إذا أبرأ المغصوب منه الغاصب بإعتاق المغصوب على ما ذكرنا.

إلا أنَّ أبا حنيفة -رحمه الله- يقول فقولهما: (٢) أنَّه بالارتداد صار مبرئًا عن ضمان الجناية غير صحيح؛ لأنَّ في اعتقاد المرتد الردَّة لا تبطل التقوُّم فكيف يصير مبرئًا عن ضمان الجناية كذا في الجامع الصَّغير لقاضي خان والتمرتاشي والمحبوبي -رحمهم الله- (٣).

(فَلِهَذَا تُعْتَبَرُ حَالَةُ الرَّمْيِ فِي حَقِّ الحِلِّ (٤) (٥) أي: في الصيد.

(فَكَذَا فِي حَقِّ التَّكْفِيرِ حَتَّى جَازَ (٦) بَعْدَ الجُرْحِ قَبْلَ المَوْتِ (٧) فصار كأنَّه قتله حين جرحه، وفي مسألتنا أيضاً يصحُّ التكفير قبل الإصابة؛ لأنَّه ذكر في الجامع الصَّغير لقاضي خان: فيصير قاتلاً من وقت الرَّمي فلهذا لو كانت الجناية خطأ فكفر بعد الرمي قبل الإصابة صحَّ تكفيره (٨).

(وَقَالَ مُحَمَّدٌ -رحمه الله-: عَلَيْهِ فَضْلُ (٩) مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَرْمِيًّا إِلَى غَيْرِ مَرْمِيٍّ (١٠) (١١) حتَّى لو كانت قيمته قبل الرمي ألف درهم وبعد الرمي ثمانمائة يلزمه مائتا درهم له أن العتق قاطع للسراية.

ألا ترى أن من قطع يد عبد إنسان خطأ ثم أعتقه مولاه ثم مات لا يجب عليه قيمة النَّفس، وإنَّما يجب عليه أرش اليد مع النقصان الذي نقصه القطع إلى أن عتق دلَّ أنَّ العتق يبطل سراية الجناية، وهو بنفس الرمي صار جانياً على هذا الشخص تقديراً، فتبطل جنايته فلا تجب عليه قيمته كاملاً غير أنَّه يضمن فضل ما بين قيمته مرميًّا إلى قيمته غير مرمي؛ لأنَّ الرمي يوجب النقصان فيوجب ضمان النقصان كالقطع لهما أنَّه يصير قاتلاً من وقت الرمي.


(١) وفي (ب) (ن).
(٢) وفي (ب) (بقولهما)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(٣) يُنْظَر: الجامع الصغير (٤٩٨)، المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (٤/ ٨٥)، الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٦)، فتح القدير (٣/ ١٠٨)، الاختيار لتعليل المختار (٥/ ٣٨)، العناية شرح الهداية (١٥/ ٢٤٠ - ٢٤٢)، تكملة البحر الرائق (٨/ ٣٧١، ٣٧٢)، نتائج الأفكار (١٠/ ٢٩٣)، مجمع الأنهر (٤/ ٣٣٩).
(٤) وفي (ب) (المحل).
(٥) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٥).
(٦) وفي (ب) (جاء).
(٧) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٥).
(٨) يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (٥/ ٣٨)، تبيين الحقائق (٦/ ١٢٤).
(٩) وفي (ب) (الفضل).
(١٠) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٦).
(١١) الجامع الصغير (٤٩٨).