للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم الفرق لأبي يوسف بين هذه الصُّورة وبين المسألة الأولى: وهي ما إذا رمى مسلماً فارتدَّ المرمي إليه ثم وقع به السَّهم فليس على الرامي شيء عنده اعتبارا لوقت الإصابة، وههنا جعل قيمة العبد للمولى اعتبارا لوقت الرمي هو أنَّ المرمي إليه بالارتداد خرج من أن يكون معصوماً فصار مبرئًا له عن الجناية لما أنَّ الردة تنافي العصمة فلا يجب الضَّمان للمنافي.

وأمَّا ههنا فالمعترض على المرمي إليه ليس إلا العتق وأنَّه لا ينافي وجوب الضَّمان فيجب عليه قيمته للمولى وقد ذكرنا أنَّه يوافق أبا حنيفة -رحمه الله- في أنَّ الاعتبار لوقت الرَّمي [لكن] (١) في مسألة الارتداد فعل (٢) الارتداد بمنزلة الإبراء والإبراء عن الضَّمان بعد تحقق السبب صحيح على ما ذكرنا هذا كله مما أشار إليه [الإمام] (٣) المحبوبي (٤).

(وَأَمَّا الرَّمْيُ قَبْلَ الإِصَابَةِ لَيْسَ بِإِتْلَافِ لشيء (٥) مِنْهُ (٦) فلا يجب به الضَّمان ولكن انعقد (٧) الرَّمي علة تامة لإيجاب الضَّمان عند الاتِّصال بالمحل وعند الاتصال بالمحلِّ يستند الوجوب إلى وقت الانعقاد فلم يوجد مخالفة النِّهاية البداية بخلاف الجرح [فإنَّ هناك اتصلت العلة] (٨) بالمحلِّ ووجب ضمان الجرح للمولى في الحال وعند السِّراية لو قلنا بضمان النَّفس كان ذلك الضمان للعبد الميِّت فخالفت النِّهاية البداية فلذلك وقع الإعتاق قاطعا للسِّراية هناك والله أعلم [بالصَّواب] (٩) (١٠).

* * *


(١) سقط في (ب).
(٢) وفي (ب) (جعل).
(٣) سقط في (ب).
(٤) قال في الهداية (٤/ ١٧٥، ١٧٦): وإن رمى عبدًا فأعتقه مولاه، ثم وقع السهم به فعليه قيمته للمولى، عند أبي حنيفة - رحمه الله-، وقال محمد -رحمه الله-: عليه فضل ما بين قيمته مرميا إلى غير مرمي، وقول أبي يوسف- رحمه الله- مع قول أبي حنيفة. وينظر: الجامع الصغير (٤٩٨)، تكملة البحر الرائق (٨/ ٣٧٢).
(٥) وفي (ب) (شَيْءٍ)، وهي الصواب، وهكذا جاءت في الهداية.
(٦) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٦).
(٧) كذا في (أ) و (ب)، والصواب (انعقاد) لموافقتها سياق الكلام.
(٨) سقط في (ب).
(٩) سقط في (ب).
(١٠) يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (٥/ ٣٨)، تبيين الحقائق (٦/ ١٢٥)، البناية شرح الهداية (١٣/ ١٥٨)، تكملة البحر الرائق (٨/ ٣٧٢).