للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[إمامة الأمي للقارئ]]

وذكر في «المحيط» (١): أن القارئ إذا اقتدى بالأمي قال بعضهم: لا يصير شارعًا حتى لو كان في التطوع لا يجب القضاء، وبعضهم قالوا: يصير شارعًا، ثم يفسد حتى لو كان في التطوع يجب القضاء، والصحيح هو الأول نص عليه محمد -رحمه الله- في الأصل، قيل: وإنما لا يلزمه القضاء؛ لأن الشروع بمنزلة النذور، ولو نذر القارئ أن يصلي بغير قراءة لا يلزمه، فكذا إذا شرع.

[[إمامة المتيمم للمتوضئ]]

قوله: ويجوز أن يؤم المتيمم المتوضئين عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد -رحمه الله-: لا يجوز (٢). وذكر في «الخلاصة»: أن اقتداء المتوضئ بالمتيمم في صلاة الجنازة جائز بلا خلاف (٣).

وذكر شيخ الإسلام (٤) هذا الخلاف فيما إذا لم يكن مع المتوضئين ماء، فقال: واختلفوا في أن المتيمم هل يؤم المتوضئين. قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمها الله: بأنه يؤم المتوضئين استحسانًا إذا لم يكن مع المتوضئين ماء، وإن كان معهم ماء فإنه لا يؤم المتوضئين (٥).

وقال محمد -رحمه الله-: بأنه لا يؤم المتوضئين سواء كان مع المتوضئين ماء أو لم يكن، وقال زفر -رحمه الله-: بأنه يؤم المتوضئين سواء كان مع المتوضئين ماء أو لم يكن، وأجمعوا على أن ماسح الخف يؤم الغاسلين، ولمن كان بمثل حاله احتج محمد في المسألة بما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: "لا يؤم المتيمم المتوضئين ولا المقيد المطلقين" (٦). ولم يرو عن أقرانه خلاف ذلك فوجب اتباعه (٧)، والمعنى فيه: أنه أدى الصلاة بالتيمم مع قدرته على الأداء بالوضوء فلا يجزئه قياسًا على ما لو كان مع المتوضئ ماء فاقتدى بالمتيمم، وإنما قلنا: إنه قادر على الأداء بالوضوء؛ لأنه متوضئ فيمكنه أن يصلي وحده حتى يصير صلاته بوضوء، والدليل عليه صاحب (٨) الجرح السائل لا يؤم الصحيح؛ لأنه يقدر على أداء الصلاة بطهارة كاملة فلم يجزه إلا بطهارة ناقصة، فكذا هذا وهما استدلا بحديث عمرو بن العاص رضي الله عنه: فإن رسول الله عليه السلام جعله أميرًا على سرية، فلما انصرفوا سألهم عن سيرته (٩) فقالوا: كان حسن السيرة (١٠)، ولكنه صلى بنا يومًا، وهو جنب فسأله رسول الله عليه السلام عن ذلك؟ فقال: يا رسول الله، احتلمت في ليلة باردة وخشيت الهلاك إن اغتسلت فتلوت قول الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} (١١)، فتيممت وصليت بهم، فتبسم رسول الله عليه السلام في وجهه، وقال: «يا لك من فقه عمرو بن العاص» ولم يأمرهم بإعادة الصلاة (١٢)، (١٣).


(١) يُنْظَر: المحيط البرهاني: ٢/ ١٠٨.
(٢) يُنْظَر: المحيط البرهاني: ١/ ٣٦٧.
(٣) يُنْظَر: الفتاوى الهندية: ١/ ٨٤.
(٤) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ١/ ٢٠١.
(٥) ساقط من (ب). (وإن كان معهم ماء فإنه لا يؤم المتوضئين).
(٦) رواه عبد الرزاق في مصنفه (٣٦٦٨ - ٢/ ٣٥٢) قال في عمدة القاري شرح صحيح البخاري (٦/ ٧٦): ضعيف
(٧) ينظر: المبسوط للسرخسي ١/ ١١١، بدائع الصنائع ١/ ٥٦.
(٨) ساقط من (ب).
(٩) في (أ): سرية.
(١٠) في (أ): السرية.
(١١) سورة النساء الآية (٢٩).
(١٢) رواه أبو داود في سننه (٣٣٤)، كتاب الطهارة، باب إذا خاف الجنب البرد أيتيمم. وأحمد في مسنده (١٧٨٤٥ - ٤/ ٢٠٣). قال الألباني: صحيح
(١٣) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ١/ ٢٠١.