للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيما قاله الشافعي: إلغاء لجانب المالية [أصلًا] (١) واعتبار لجانب الآدمية لا غير، فإنه يقول عند فقء عيني عبد بضمان كمال القيمة والجثة للمولى من غير خيار فكان كفقء عَيني الحر (٢).

والقول الأوسط الأعدل ما قاله أبو حنيفة: لأن فيما تجاذب الطرفان كان القول بتوفير الشبهين أولى؛ إلى هذا أشار في الأسرار (٣). والله أعلم.

* * *

فَصْل في جناية المدبَّر (٤) وأمّ الولد (٥)

لما ذكر باب جناية المملوك والجناية عليه قدَّم من هو أكمل في استحقاق اسم المملوكية وهو العبد، ثم ذكر فصل من هو أحط رتبة في اسم المملوكية وهو المدبَّر وأم الولد، غير أن أم الولد أحط رتبة أيضًا من المدبر في ذلك الاسم حتى إن القاضي لو قضى بجواز بيعها لا ينفذ بخلاف المدبر.

وهي أنثى أيضًا فالأنوثة والانحطاط في اسم المملوكية أوجبا تأخير ذكرها عن ذكر المدبر، لما روي عن أبي عبيدة وهو أبو عبيدة بن الجراح (٦) - رضي الله عنه - … قضى بجناية المدبر على مولاه (٧)؛ وكان أميرًا بالشام (٨) وكان بمحضر من الصحابة ن فكان إجماعًا، كذا في الإيضاح (٩).


(١) ساقطة من (ج)؛ وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٢) ينظر: العناية (١٠/ ٣٦٣)، البناية (١٣/ ٣١٠).
(٣) ينظر: العناية (١٠/ ٣٦٣)، البناية (١٣/ ٣١٠).
(٤) سبق ص ١٣٤.
(٥) سبق ص ١٣٢.
(٦) هذا الصحابيُّ شَهِد المشاهد كلَّها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشهد بدرًا وأُحدًا والخندق، وغيرها من معاركِ المسلمين الفاصلة، وكان من السابقين إلى الإسلام، فقد هاجَر الهِجرتين: الأولى إلى الحبشة، والثانية إلى المدينة، وقد أبْلى في معركةِ أُحد بلاءً عظيمًا، فقد نزَع الحلقتَيْن اللتين دخلتَا من المِغفر في وجْه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأسنانه، حتى انتُزعتْ ثنيَّتاه، وهو أمينُ هذه الأمَّة، وهو أحدُ العشرة المبشَّرين بالجنة، إنَّه فارس الإسلام، أبو عبيدة عامر بن عبدالله بن الجرَّاح، القرشي، الفهري المكي، وصَفَه أهلُ السِّير بأنَّه كان رجلًا طويلًا نحيفًا، معروقَ الوجه، خفيفَ اللحية، أثرمَ الثنيَّتين، وقد اشتهر بحُسْن خُلقه، وتواضعه وحِلمه. ينظر: حلية الأولياء (١/ ١٠٢)، سير أعلام النبلاء (١/ ١٧).
(٧) أخرجه ابن أبي شيبة في (مصنفه)، كتاب الديات باب جناية المدبر على من تكون؟ (٥/ ٣٩٦ رقم الحديث: ٢٧٣٢٦). ينظر: نصب الراية (٤/ ٣٨٩)، الدراية (٢/ ٢٨٤).
(٨) سبق ص ٥٤
(٩) ينظر: العناية (١٠/ ٣٦٣)، البناية (١٣/ ٣١١).