للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر في التُّحفة: أنّ اللَّقيط يساوي الصَّبي الَّذي لَيس بلَقيط في عامَّة الأحكام، ولَه أحكام أُخَر عَلى الخصوص منها أنَّ التقاطه واجِب على من وجده لأنَّ في تركه ضياعه، فتجب عليه صيانته، ومنها أنَّه إذا التقطَه فإنْ شاء تبرَّع بتربيته والإنفاق عليه، وإنْ شاء رفع الأمر إلى السُّلطان ليأمُر بتربيته أحدًا بمال بيت المال وأحكامٍ أُخر (١).

[[تعريف اللقيط]]

وذكر في المبسوط: "اللقيط لغةً: اسمٌ لشيء منبوذ، فعيل بمعنى مفعول كالقتيل والجريح.

وفي الشريعة: اسم لحيٍّ مولود طَرَحه أهلُه خوفًا من العَيْلَةِ أو فرارًا من تُهمة الزّنية، مُضَيّعُةُآثِم، ومُحرِزه غانِم لِما في إحرازه مِن إحياء النّفس، فإنّه على شرف الهلاك، فإحياء الحيِّ بدفع سبب الهلاك عنه، قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: ٣٢]، ولهذا كان رفعه (٢) أفضل من تركِه لما في تركه مِن ترْك التَّرحُم على الصِّغار، وقال

النَّبي -عليه الصلاة والسلام-:/ "من لم يرحَم صغيرنا ولم يوقر كبيرنا فليس منَّا" (٣).

وفي رفعه إظهار الشّفقة على الأطفال، وهو أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله تعالى على ما قيل: "أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله تعالى التعظيم لأمر الله، والشَّفقة على خلق الله" (٤) " (٥).

(اللقيط حرٌّ) أي: في جميع أحكامه حتّى أنّ قاذفه يُحدُّ وقاذف أمِّه لا يحَدُّ؛ كذا في شرح الطحاوي (٦).

(لأنَّ الأصل في بني آدم هو الحرِّية) لأنَّهم مِن آدم وحواء، فكانوا أحرارًا لحرِّيتهما (٧) إلّا أنّ الرقّ بعارِض الكُفر على ما ذكرنا والأصل عَدم العارض.


(١) ينظر تحفة الفقهاء (٣/ ٣٥١ - ٣٥٢).
(٢) في (ب) "دفعه".
(٣) أخرجه الترمذي في سننه، أبواب البر والصلة، باب ما جاء في رحمة الصبيان، برقم (١٩١٩) ٤/ ٣٢١.
عن زربي، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: جاء شيخ يريد النَّبي -صلى الله عليه وسلم- فأبطأ القوم عنه أن يوسعوا له، فقال النَّبي -صلى الله عليه وسلم-: "ليس منّا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا" قال الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله-: هذا حديث غريب وزربي له أحاديث مناكير عن أنس بن مالك وغيره.
(٤) تفسير الرازي مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (٨/ ١٩١).
(٥) المبسوط للسرخسي (١٠/ ٢٠٩).
(٦) العناية شرح الهداية (٦/ ١١٠).
(٧) في (ب) "كحريتهما".