للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفِي "الْإِيضَاحِ" (١) فَأَمَّا السُّجُودُ عَلَى الْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عِنْدَنَا وَقَالَ زُفَرٌ (٢) وَالشَّافِعِيُّ (٣) (وَ) (٤) هُوَ وَاجِبٌ لِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ» (٥) وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: «مَثَلُ الَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ عَاقِصٌ شَعْرُهُ كَمَثَلِ الَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مَكْتُوفٌ» (٦)» (٧) فَالتَّمْثِيلُ (٨) يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْكَمَالِ دُونَ الْجَوَازِ؛ وَلِأَنَّ اخْتِصَاصَ اسْمِ (٩) السُّجُودِ يَتَعَلَّقُ بِالْوَجْهِ؛ فَإِنَّهُ بِوَضْعِ الْوَجْهِ سُمِّيَ سَاجِداً.

[السُّجود على الأعضاء السَّبعة]

قَوْلُهُ: (لِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ»)

وَعَدَّ مِنْهَا الْجَبْهَةُ أَيْ عَلَى الْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَالْقَدَمَيْنِ، وَالْجَبْهَةِ، فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ يَتِمُّ الاسْتِدْلَالُ لَهُمَا بِهَذَا الْحَدِيثِ؟ مَعَ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ وَضْعَ الْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ؛ جَازَ سَجْدَتُهُ بِالْإِجْمَاعِ، وَهَذِهِ الْأَعْضَاءُ الْأَرْبَعَةُ مِنْ تِلْكَ السَّبْعَةِ فَيَسْتَقِيمُ لِأَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- أَنْ يَحْتَجَّ عَلَيْهِمَا بِجَوَازِ تَرْكِ الْجَبْهَةِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، كَمَا جَازَ تَرْكُ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّا مِنْهَا فِي كَوْنِهِ مَأْمُوراً بِهِ سَوَاءً فَتَنْقَلِبُ الْقِصَّةُ حِينَئِذٍ؟ قُلْتُ إِيرَادُ الْحَدِيثِ (لِبَيَانِ أَنَّ هَذِهِ الْأَعْضَاءَ هِيَ مَحَالُ السَّجْدَةِ لَا غَيْرِهَا) (١٠) لَا لِبَيَانِ أَنَّ وَضْعَ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ لَازِمٌ لَا مَحَالَةً، وَالْأَنْفُ غَيْرُ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ، فَيَجِبُ أَنْ لَا يَتَأَدَّى الْفَرْضُ بِوَضْعِ الْأَنْفِ مُجَرَّداً كَمَا لَوْ وَضْعُ الْذَّقْنِ مجرداً؛ لِأَنَّ نَصَّ الْحَدِيثِ لَمْ (١١) يَتَنَاوَلْهُ، فَلَمْ يَكُنِ (١٢) الْأَنْفُ مَحَلًّا لِلسَّجْدَةِ، وَلِذَلِكَ تَعَرَّضَ (١٣) فِي الْكِتَابِ لِتَصْرِيحِ (١٤) الْجَبْهَةِ بِقَوْلِهِ: (وَعَدَّ مِنْهَا الْجَبْهَةَ).


(١) انظر: " الجوهرة النَّيرة شرح مختصر القدوري للزبيدي " (١/ ٥٣).
(٢) ينظر: "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٣٣٧).
(٣) ينظر: "المهذب" (١/ ٢٥٥)، و"البيان والتحصيل" لابن رشد " (٢/ ٢١٨).
(٤) ساقطة من (ب).
(٥) أخرجه البخاري في"صحيحه" (١/ ٢٤٤)، كتاب الصلاة، باب السجود على سبع أعظم، حديث (٧٩٢) و (٧٩٣)، وأخرجه مسلم في "صحيحه"ص ٢٠٢، كتاب الصلاة، باب أعضاء السجود والنهى عن كف الشعر والثوب وعقص الرأس في الصلاة، حديث (٤٩٠).
(٦) كذا في النسخة (أ)، وفي (ب): (مكتوب). والصحيح: (مكتوف) كما سيأتي تخريجه في الموضع التالي.
(٧) أخرجه مسلم في "صحيحه" (ص ٢٠٢)، كتاب الصلاة، باب أعضاء السجود، حديث (٤٩٢)، وأخرجه أبي داود في"سننه" (ص ٩٢)، كتاب الصلاة، باب الرجل يصلي عاقصا شعره، (٦٤٧).
(٨) في (ب): (بالتمثيل).
(٩) (اسْمِ) ساقطة من (ب).
(١٠) جملة مكررة في المخطوط (أ).
(١١) في (ب): (لا).
(١٢) في (ب): (يمكن).
(١٣) في (ب): (يفرض).
(١٤) في (ب): (بتصريح).