للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[يَعْنِي وَعَدَّ مِنْهَا الْجَبْهَةَ] (١) لَا الْأَنْفَ فَكَانَ نَفْياً لِمَحَلِّيَّةِ الْأَنْفِ لِلسَّجْدَةِ، لِيُفِيدَ التَّخْصِيصَ فَائِدَتَهُ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ مَحَلَّا لَا يَقَعُ الْفَرْضُ بِوَضْعِهِ مُنْفَرِداً، وَلِذَلِكَ (٢) ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي جَوَابِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ طَرَفِ أَبِي حَنِيفَةَ بِقَوْلِهِ: عَلَى أَنَّ فِي خَبَرِهِمْ وُجُوبَ السَّجْدَةِ عَلَى الْجَبْهَةِ، وَلَيْسَ فِيهِ نَفْيُ السُّجُودِ عَلَى (٣) الْأَنْفِ بَلِ الْأَنْفُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ، وَفِي خَبَرِنَا وُجُوبُ السَّجْدَةِ عَلَى الْأَنْفِ، وَالْجَبْهَةِ جَمِيعاً فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، إِذِ الْعَمَلُ بِهِمَا مُمْكِنٌ، أَوْ نَقُولُ هُمَا يَقُولَانِ الْمَأْمُورُ بِهِ السُّجُودُ، وَإِنَّهُ يَتَحَقَّقُ بِوَضْعِ الْوَجْهِ لُغَةً لَكَنِ الْكُلُّ غَيْرُ مُرَادٍ بِالْإِجْمَاعِ.

وَالْبَاقِي (٤) مُجْمَلٌ فِي حَقِّ الْإِرَادَةِ فَالْتَحَقَ هَذَا الْخَبَرُ بِتَصْرِيحِ الْجَبْهَةِ، بَيَاناً لَهُ فَانْحَصَرَ عَلَى وَضْعِ الْجَبْهَةِ، لِذَلِكَ قُلْنَا الْمُرَادُ مِنْهُ بَعْضَ/ الْوَجْهِ مُطْلَقاً لَا مُجْمَلاً إِلَّا أَنَّ الْخَدَّ وَالذَّقْنَ خَرَجَا بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ التَّعْظِيمَ لَمْ يُشْرَعْ بِوَضْعِهِمَا (٥) وَالْمَشْهُورُ فِي الْخَبَرِ الْوَجْهُ لَا الْجَبْهَةَ فَيَكُونُ الْأَنْفُ مَعَ الْجَبْهَةِ دَاخِلِينَ عَلَى السَّوَاءِ؛ وَلَوِ اكْتَفَى بِالْجَبْهَةِ يَجُوزُ فَكَذَا لَوِ اكْتَفَى بِالْأَنْفِ؛ وَلِأَنَّ الْأَنْفَ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ كَانَ (٦) مَحَلًّا (٧) لِلْفَرْضِ أَوَّلًا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ مَحَلًّا لَهُ لِأَنَّ الْفَرْضَ يَنْتَقِلُ إِلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ، إِذَا كَانَ بِالْجَبْهَةِ عُذْرٌ وَلَوْ كَانَ غَيْرُ مَحَلٍّ؛ لَمَا صَارَ مَحَلًّا عِنْدَ الْعُذْرِ كَالذَّقْنِ هَذَا هُوَ الْمَعْنَى الْقَاطِعُ لِلشَّغَبِ (٨) الَّذِي ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فَقَالَ إِنَّ الْمُصَلِّيَ مَتَى عَجَزَ عَنِ السُّجُودِ بِمَا عُيِّنَ مَحَلًّا لِلسُّجُودِ يَسْقُطُ عَنْهُ السُّجُودُ وَيَنْتَقِلُ فَرْضُ السُّجُودِ إِلَى الْإِيمَاءِ، وَكَمَا إِذَا كَانَ الْعُذْرُ بِهِمَا جَمِيعاً؛ فَإِنَّهُ مُصَلَّى (٩) بِالْإِيمَاءِ فَلَوْ كَانَتِ الْجَبْهَةُ مُتَعَيِّنَةً لِلسُّجُودِ لَا غَيْرَ؛ كَانَ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ بِأَنَّهُ إِذَا عَجَزَ عَنْ وَضْعِ الْجَبْهَةِ يَسْقُطُ وَيَنْتَقِلُ الْحُكْمُ إِلَى الْإِيمَاءِ، فَلَمَّا وَجَبَ هُنَاكَ وَضْعُ الْأَنْفِ تَعَيَّنَ كَوْنُهُ مَحَلًّا لِلسُّجُودِ كَالْجَبْهَةِ.


(١) زيادة من (ب).
(٢) في (ب): (وكذلك).
(٣) في (ب): (عن).
(٤) في (ب): (والثاني).
(٥) في (ب): (بوضعها).
(٦) في (ب): (يكون).
(٧) في (ب): (مجملا).
(٨) في (ب): (للسغب).
(٩) في (ب): (يصلي).