للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وامَّا وَضْعُ الْقَدَمَيْنِ فَقَدْ ذَكَرَ الْقُدُورِي أَنَّهُ فَرِيضَةٌ) (١) (٢).

وَعِبَارَةُ لَفْظِ "مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ" يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا سِوَى وَضْعِ الْجَبْهَةِ، وَالْأَنْفِ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَضَعَهُ فِي السَّجْدَةِ إِذَا أَمْكَنَ لَهُ، وَفِي " الْمُحِيطِ ": (وَإِذَا لَمْ يَضَعِ الْمُصَلِّي رُكْبَتَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ عِنْدَ السُّجُودِ لَا يَجْزِيهِ هَكَذَا اخْتَارَهُ (٣) الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ؛ لِأَنَّا [نَقُولُ] (٤) أُمِرْنَا أَنْ نَسْجُدَ عَلَى الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ.

وَفَتْوَى مَشَايِخِنَا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَوْضِعُ الرُّكْبَتَيْنِ نَجِساً يَجُوزُ؛ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِي -رحمه الله- وَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ -رحمه الله- لَمْ يُصَحِّحْ هَذِهِ الرِّوَايَةَ رَجُلٌ يُصَلِّي عَلَى الْأَرْضِ، وَيَسْجُدُ عَلَى خِرْقَةٍ وَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَقِي (٥) بِهِ الْحَرَّ لَا بَأْسَ بِهِ، وَذَكَرَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ، وَقَالَ: يَا شَيْخَ لَا تَفْعَلْ مِثْلَ هَذَا (٦)؛ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ.

فَقَالَ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟

فَقَالَ: مِنْ خُوَارِزْمَ.

فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ -رحمه الله- اللَّهُ أَكْبَرُ جَاءَ التَّكْبِيرُ مِنْ وَرَائِي؟

أَيْ أَجَاءَ التَّكْبِيرُ؟ أَيِ الْإِعْلَامُ عَلَى وَجْهِ الاسْتِفْهَامِ يَعْنِي مِنَ الصَّفِّ الْآخَرِ، وَمُرَادُهُ أَنَّ عِلْمَ الشَّرِيعَةِ يُحْمَلُ مِنْ ها هُنَا إِلَى خُوَارِزْمَ لَا مِنْ خُوَارِزْمَ إِلَى ها هُنَا، ثُمَّ قَالَ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ -رحمه الله-: أَفِي مَسَاجِدِكُمْ حَشِيشٌ؟

فَقَالَ: نَعَمْ.

فَقَالَ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ: فَيَجُوزُ السَّجْدَةُ عَلَى الْحَشِيشِ وَلَا يَجُوزُ عَلَى الْخِرْقَةِ؟!.


(١) وفي المطبوع: (وأما وضع القدمين فقد ذكر القُدُوري رحمه الله تعالى أنه فريضة في السجود.) "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٥١).
(٢) بل الذي ذكره القُدُوري أنه ليس بواجب. ينظر: "التجريد للقُدُوري " (٢/ ٥٤٣)، و"مختصر القُدُوري" (ص ٢٧).
(٣) في (ب): (اختيار).
(٤) (نَقُولُ) زيادة من (ب).
(٥) في (ب): (ليتقي).
(٦) في (ب): (هكذا).