للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: نحن جعلنا العيان سبباً للجواز لا للوجوب، والقاضي يلزمه القضاء [بالمِلك] (١) بالشَّهادة، ونحن ما صحَّحنا ذلك؛ ولهذا قلنا: إنَّ الرَّجل إذا كانت في يده دارٌ يتصرَّفُ فيها تصرُّف المُلَّاك بِيعت دارٌ بجنب هذه الدَّار، وصاحب اليد أن يأخذها بالشُّفعَة فالقاضي لا يقضي له، يعني عند إنكار المشتري أن تكون الدَّار مِلك الشفيع؛ لأنَّ العَيان ليس سبباً للوجوب؛ لكنَّه سببٌ للجواز، ويُحتمل أن يكون هذا تفسيراً لإطلاق محمد - رحمه الله - (٢).

يُحتمل أن يكون قوله: «أن يقع في قلبه»: أنَّه له تفسير الإطلاق، وهو قوله: «[وسِعك] (٣) أن تشهد أنَّه له».

وبه قال بعض مشايخنا، وهو الخصَّاف - رحمه الله - (٤).

ذكره الصَّدرُ الشهيد في أدب القاضي (٥).

وفيه أيضاً: [وقال] (٦) أبو يوسف/: لا يشهد على ذلك حتَّى تقع معرفة ذلك في قلبه (٧).

يجوز أن يكون هذا قول الكلِّ، وبه نأخذ.

[في اشتراط معاينة الملك والمالك في الشهادة بالملك]

«ثمَّ إن عاين المالك والمِلك … » (٨) إلى آخره.

«فالقسمة العقليَّة مذكورةٌ، وهي دليل الانحصار.

«ثم إن عاين المَالك والمِلك» بأن عرف المالك بوجهه، واسمه، ونسبه، وعرف المِلك بحدوده، وحقوقه، ورآه في يده يتصرّف تصرُّف المُلَّاك، ويدَّعي أنَّه له، ووقع في قلبه أنَّه له؛ حلَّ له أن يشهد بالمِلك؛ لأنَّ هذه شهادةٌ عن علمٍ وبصيرةٍ.

وإن لم يعاين المالك والمِلك؛ [ولكن] (٩) سمع من النَّاس قالوا لفلان بن فلان في قرية كذا ضيعة حدُّها كذا وكذا؛ لا يحل له أن يشهد له بالمِلك؛ لأنَّه مجازف في هذه الشَّهادة.

وإن عاين المالك وعرَفَه معرفةً تامَّة؛ ولكن لم يعاين المِلك بأن سمع من النَّاس أنَّ لهذا الرجل في قرية كذا ضَيعة حدودها هكذا، وهو لم يعرف تلك الضيعة، ولم يعاين يده عليها، لا يحلُّ له أن يشهد له بالملك.


(١) سقط من «ج».
(٢) في «ج»: [ر ح].
(٣) في «س»: [وسعه].
(٤) سقط من: «ج».
(٥) يُنظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٣١).
(٦) في «س»: [قول].
(٧) يُنظر: المحيط البرهاني (٨/ ٣٠٧).
(٨) المسألة بتمامها في الهداية (٣/ ١٢١): «إن عاين المالك الملك؛ حلَّ له أن يشهد، وكذا إذا عاين الملك بحدوده دون المالك استحساناً؛ لأنَّ النَّسب يثبت بالتَّسامع؛ فيحصل معرفته، وإن لم يعاينها أو عاين المالك دون الملك لا يحل له».
(٩) زيادة من: «ج».