للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فبكثرة (١) الأراضي كثُر (٢) الاحتياج إلى الشرب فيستدل به على كثرة حق له في الشرب، وأما السّاحة، فشيء يحتاج إليه الْأَرْبَابِ بنفسه وهما سواء في الاحتياج فاستويا في الاستحقاق لذلك. وكان هذا نظير تنازعهما في سعة الطريق وضيقه حيث يجعل بينهما على قدر عرض باب الدار. إلى هذا أشار الإمام الجويني (٣) والإمام التمرتاشي (٤).

[دعوى الرجلين في الدار]

(لم يقض بأنها في يد واحد منهما حتى يقيما البينة أنها في أيديهما): لأن اليد حق مقصود، والقاضي كيف يقضي بها لهما ولعلها في يد ثالث. ألا ترى إلى مسألة غفل عنها القضاة: رجل ادعى على رجل أيضا والمُدَّعَى عليه يزعم أنها في يديه، وأقام المدعي بينة أنها ملكه فالقاضي لا يقضي ببينته لجواز أن تكون الأرض في يد ثالث، والمدعي مع المدعى عليه تواطآ و (٥) تواضعا على ذلك فالقاضي لا يقضي ببينة المدعي. ما لم يثبت كون الدار في يد المدَّعَى عليه بالحجة.

(فإن أقام أحدهما البيِّنة): على اليد قضى باليد له ويكون الآخر (٦) خارجًا.


(١) في (أ): وبكثرة.
(٢) في (أ): كثرة.
(٣) هو: عبد اللّه بن عمر بن علي بن محمد، ابن حمويه الجويني السرخسي ويسمى بعبد السلام أبو محمد، تاج الدين مؤرخ باحث، خراساني الأصل. كان شيخ الشيوخ بدمشق ومولده ووفاته فيها. توفي سنة (٦٤٢ هـ) من كتبه: المسالك والممالك والسياسة الملوكية، والأمالي. يُنْظَر: سير أعلام النبلاء ١١/ ١٣٨، الأعلام للزركلي ٤/ ١١٠.
(٤) أحمد بن إسماعيل بن محمد بن آيدغمش، أبو العباس، ظهير الدين بن أبي ثابت التمرتاشي، عالم بالحديث، حنفي، كان مفتي خوارزم. نسبته إلى تمرتاش من قراها، له مصنفات منها: شرح الجام الصغير، والفرائض والتراويح والفتاوى، توفي سنة ٦١٠ هـ تقريبًا. يُنْظَر: الجواهر المضيَّة ١/ ٦٠، كشف الظنون ٢/ ١٢٢١.
(٥) في (أ): أو.
(٦) في (أ): لآخر.