للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن بعض الروايات لا يقضى لصاحب الخشبة الواحدة أصلًا. وأما من الثاني: فمسألة الشرب فإنهما لو تنازعا في مقدار الشرب حيث يقسم بينهما على قدر الأراضي. بخلاف مسألة الكتاب التي نحن فيها فإنه يقضى بالساحة بينهما بالسوية من (١) غير نظر إلى قدر الأملاك. فكانت مسألة الكتاب مخالفة لهذين النوعين فما وجه الفرق بين هذه المسائل؟ قلت: أما في مسألة الشهادة: فإن اللّه تعالى لم يجعل ما دون الشاهدين حجة شرعًا في الأملاك لقضاء القاضي بقوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢]. وغيرها من الآيات، وقد ذكرناه في الشهادات، وفي الثوب إنما لم يقض لصاحب الهدب بشيء لما أن الاستحقاق إنما يثبت باعتبار اليد على الثوب ويد صاحب الهدب إنما يثبت على الهدب دون الثوب؛ لأن الثوب اسم لمنسوج، والهدب ليس بمنسوج، وأما في الإخبار بنجاسة الماء وطهارته ورواية الأخبار: لأن خبر العدل إنما جعل حجة في أمور الدين باعتبار الصدق. والصدق في خبر العدل راجح على الكذب لما عرف. وزيادة العدد يفيد زيادة الصدق أيضًا. أما ههنا فبخلافه؛ لأنهما استويا في سبب الاستحقاق وهو اليد، فإن يد كل واحد منهما على الساحة باعتبار أنه يتطرق فيه إلى ملكه، ويضع فيه أمتعته وغيرها، وقد استويا فيه فيستويان في الحكم، وأما في مسألة الخشبة: فقد ذكرنا أن صاحب الجذع الواحد غير مستعمل للحائط لما أن الحائط في العادة لا يبنى لوضع خشبة واحدة وإنما يبنى لوضع (٢) الخشبات، وأما في (٣) مسألة (٤) الشرب: فإن الشرب شيء تحتاج إليه الأراضي دون الْأَرْبَابِ (٥).


(١) ساقطة من (ب).
(٢) في (أ): بوضع.
(٣) في: ساقطة من (ب).
(٤) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (٨/ ٢٩٠).
(٥) الأرباب: جمع ربّ، وربّ الدار أي: مالكها. يُنْظَر: معجم لغة الفقهاء (ص: ٢١٨).