للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(لاستوائهما في استعمالهما وهو المرور): ووضع الأمتعة وصب الوضوء كسر الحطب وما أشبه ذلك، فلما كانا في المرور سواء كانا في استحقاق الساحة أيضًا سواء، ولعل مرور صاحب القليل أكثر من مرور صاحب الكثير لزمانة صاحب الكثير وكون صاحب القليل ولَّاجًا خرَّاجًا في الأمور، على أن يقول: الترجيح لا يقع بكثرة ما هو من جنس العلة وصار هذا كالطريق يستوي فيه صاحب الدار والمنزل والبيت، وإن كان بعضها أكثر من بعض؛ وهذا لأن الاستحقاق باعتبار أصل اليد، ألا ترى: أنهما لو تنازعا في ثوب وعامته في يد أحدهما وفي يد الآخر طرف منه أنه يقضي به بينهما نصفين لما أن اليد حجة للاستحقاق، وما يكون حجة للاستحقاق فالقليل منه يساوي الكثير، كما لو تنازعا في شيء فأقام أحدهما شاهدين والآخر مائة من الشهود فإنه يقضى بذلك الشيء بينهما نصفين. فإن قلت: أشكل على هذا مسائل اعتبر في بعضها جانب صاحب الكثير وألغى جانب صاحب القليل أصلًا، وفي بعضها اعتبر جانباهما لكن على حسب القلة والكثرة لا على وجه التنصيف، فمن الأول ما لو أقام (١) أحد المدعيين شاهدًا واحدًا والآخر شاهدين حيث اعتبر جانب صاحب الكثير وهو جانب الشاهدين حتى قضى القاضي بالعين له وألغى جانب صاحب القليل، وهو الذي أقام شاهدًا واحدًا، وكذلك لو تنازعا في ثوب في يد أحدهما جميع الثوب، وفي يد الآخر هدبه (٢) حيث يلغى جانب صاحب الهدب ويقضى بالكل لمن (٣) في يده جميع الثوب، وكذلك لو أخبر عدل بنجاسة الماء وعدلان بطهارته حيث يحكم بخبر العدلين فكذلك في رواية الأخبار على قول البعض، وكذلك لو تنازع اثنان في حائط ولأحدهما عليه خشبة، والآخر عليه عشر خشبات


(١) في (أ): قام.
(٢) هُدْبَةُ الثَّوْبِ: طَرَفُ الثوبِ، مِمَّا يَلي طُرَّتَه. يُنْظَر: لسان العرب ١/ ٧٨٠، المصباح المنير ٢/ ٦٣٥.
(٣) في (أ): ثمن.