للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَأَمَّا الاغْتِسَالُ بِهِ فَقَدْ قِيلَ يَجُوزُ عِنْدَهُ اعْتِبَارًا بِالْوُضُوءِ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ لأنَّ فَوْقَهُ، وَالنَّبِيذُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ حُلْوًا رَقِيقًا يَسِيلُ عَلَى الْأَعْضَاءِ كَالْمَاءِ، وَمَا اشْتَدَّ مِنْهَا صَارَ حَرَامًا لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ، وَإِنْ غَيَّرَتْهُ النَّارُ فَمَا دَامَ حُلْوًا رَقِيقًا فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ، وَإِنْ اشْتَدَّ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ -رحِمَهُ الله- يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ لأنَّهُ يَحِلُّ شُرْبُهُ عِنْدَهُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ -رحِمَهُ الله- لَا يَتَوَضَّأُ بِهِ لِحُرْمَةِ شُرْبِهِ عِنْدَهُ، وَلَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِمَا سِوَاهُ مِنْ الْأَنْبِذَةِ جَرْيًا عَلَى قَضِيَّةِ الْقِيَاسِ.

قوله: (وأما الاغتسال [به] (١) «واختلف مشايخنا في الاغتسال بنبيذ التمر عند أبي حنيفة -رحمه الله-، فمنهم من لم يجوزه؛ لأن الأثر في الوضوء خاصة والأصح أنه يجوز؛ لأن المخصوص من القياس بالنص يلحق به ما [هو] (٢) في معناه من كل وجه»، كذا في «المبسوط» (٣).

-قوله: (ولا يجوز التوضي بما سواه من الأنبذة)

«وقال الأوزاعي (٤): يجوز التوضي بسائر الأنبذة بالقياس على نبيذ التمر، وعندنا لا يجوز؛ لأن نبيذ التمر مخصوص من القياس بالأثر فلا يقاس عليه غيره» كذا في «المبسوط» (٥)، وعن اختلافهم في النبيذ ذكر مسألة في [المثاني] (٦) يظهر [منها] (٧) أيضًا ثمرة الاختلاف وهي أنه لو شرع في الصلاة بالتيمم ثم وجد النبيذ فعند محمد يمضي فيها، فإذا فرغ يتوضأ به ويعيدها، [وعند] (٨) أبي يوسف -رحمه الله- يمضي فيها، ولا إعادة، وعند أبي حنيفة -رحمه الله-: يقطعها.

وفي وجود سؤر الحمار فيها جواب الكل كجواب محمد، كذا ذكره الإمام التمرتاشي

-رحمه الله-، [والله أعلم بالصواب] (٩).

[باب التيمم]

لما قدم شرط الصلاة الذي هو الطهارة على الصلاة للمعنى الذي ذكرنا قدم ما هو الأصل في باب الطهارة وهو الطهارة بالماء بجميع أنواعها من الصغرى والكبرى، وما يعترض عليها، ثم قفي عليها بخلفها؛ لأن الخلف أبدًا يقفو الأصل [و] (١٠) ابتدأ بالوضوء ثم ثنى بالغسل ثم ثلث بالتيمم تأسيًا بكتاب الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ … جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ … مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: ٦].


(١) المبسوط للسرخسي (١/ ٨٩).
(٢) ساقطة من (ب).
(٣) ساقطة من (ب).
(٤) هو الإمام الأوزاعي، أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد الدمشقي ولد سنة: (٨٨ هـ) أخذ علمه عن عطاء، وربيعة، والزهري، والتيمي، ويحي بن أبي كثير وغيرهم، فقيه الشام، سكن بيروت (ت ١٥٧ هـ):، انظر: مفتاح السعادة ومصباح السيادة (٢/ ١٦٠)، الطبقات لخلفية بن خياط (١/ ٥٨٦)، الثقات للعجلي ط: الباز (١/ ٢٩٦).
(٥) لم أجده في المبسوط؛ بل هو في الجامع الصغير (١/ ٧٥).
(٦) في (ب): «الشافعي».
(٧) في (ب): «فيها».
(٨) في (ب): «وعن».
(٩) ساقطة من (ب).
(١٠) في (ب): «أو».