للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[تعريف الخلفة]]

الخلفة: الحامل من النوق (١) وجمعها مخاض من غير لفظها وقد يقال: خلفات (٢).

فعلى هذا التَّفسير كان قوله: «فِي بُطُونِهِا أَوْلَادُهَا (٣) (٤) صفة مقدَّرة كما في قوله -عليه السلام-: «ما أبقته الفرائض فلِأَولى رجلٍ ذكر». (٥) (٦)

(وَلأَنَّ دِيَةَ شِبْهِ العَمْدِ أَغْلَظُ (٧) أي: من دية الخطأ المحض فإنَّ الإبل فيه تجب أخماساً على ما يجيء وههنا لا تجب أخماساً بالإجماع (٨) فعلم بذلك أن جانب التغليظ روعي ههنا ثم قال: (مُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ -رَحِمَهُمَا الله (٩) فيما قلنا جانب التغليظ أكثر رعاية مما قلتم.

لأنَّا نقول: تجب الإبل في شبه العمد أثلاثاً، وأنتم تقولون: تجب فيه أرباعاً؛ لأنَّه قال في المبسوط (١٠): فأمَّا في شبه العمد على قول أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله- يجب من الإبل أرباعاً على ما ذكر في الكتاب (١١) وهو (قَوْلُ ابْنِ مَسْعُود -رضي الله عنه- (١٢) (١٣) وقال محمد والشافعي -رحمهما الله-: تجب أثلاثاً ثلاثون حقة (١٤) وثلاثون جذعة (١٥) وأربعون ما بين ثنية (١٦) إلى بازل (١٧) كلها خلفة (١٨). وهو قول عمر وزيد والمغيرة بن شعبة (١٩) وأبي موسى الأشعري (٢٠) -رضي الله عنهم- (وَمَا رَوَيَاهُ (٢١) غَيْرُ ثَابِتٍ لِاخْتِلافِ الصَّحَابَةِ فِي صِفَةِ التَّغْلِيْظِ (٢٢) (٢٣) فإنَّ عُمر وزيدًا والمغيرة بن شعبة وأبا موسى الأشعري -رضي الله عنهم - قالوا كما ذكر محمد والشافعي، وقال علي -رضي الله عنه-: تجب أثلاثاً: ثلاثة وثلاثون حقة وثلاثة وثلاثون جذعة وأربعة وثلاثون خلفة (٢٤) وقال ابن مسعود-رضي الله عنه -: تجب (أَرْبَاعاً كَمَا ذَكَرْنَا (٢٥) (٢٦). وذكر في «شرح الأقطع» ما رواه محمد والشافعي -رحمهما الله-، ثم قال: هذا الخبر معارض لقول ابن مسعود -رضي الله عنه- ولا مدخل للرأي في تقديرات الشرع فلابد من أن يكون مسموعاً وإذا تعارض الخبران كان الأخذ بالتيقن (٢٧) أولى.


(١) في هامش (أ) تعليق نصه: "وهي جمع الناقة، كناقة جمعها نوق وأنوق ثم استثقلوا الضمة على الواو فقدموها وقالوا: أونق، ثم عوضوا من الواو ياء فقالوا: أنيق، ثم جمعوها على أنيق، وقد تجمع الناقة على نياق بالكسر صحاح". يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (٤/ ٢٤٧)
(٢) يُنْظَر: تهذيب اللغة (٧/ ١٧٦)، المغرب في ترتيب المعرب (٢٦٩).
(٣) سبق تخريجه (ص ٢١٧).
(٤) بداية المبتدي (٢٤٤).
(٥) متفق عليه من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، رواه البخاري (٦/ ٢٤٧٨)، في (كتاب الفرائض)، في (باب ميراث الجد مع الأب والإخوة)، برقم (٦٣٥٦)، بلفظ «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر». ورواه مسلم (٣/ ١٢٣٣)، في (كتاب الفرائض)، في (باب ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر)، برقم (١٦١٥).
(٦) يُنْظَر: البناية شرح الهداية (١٣/ ١٦٢).
(٧) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٧).
(٨) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ٧٦)، تبيين الحقائق (٦/ ١٢٦)، العناية شرح الهداية (١٥/ ٢٤٧)، المدونة الكبرى (١٦/ ٣٠٧)، الكافي؛ لابن عبد البر (٥٩٦)، الاستذكار (٨/ ٥٤)، الإقناع؛ للماوردي (١٦٤)، الحاوي الكبير (١٢/ ٣٩٧)، التنبيه (٢٢٢)، الشرح الكبير؛ لابن قدامة (٩/ ٥٥١)، زاد المستقنع (٢٢٣).
(٩) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٧).
(١٠) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ٧٦).
(١١) قال الامام القدوري: ودية شبه العمد عند أبي حنيفة وأبي يوسف: مائة من الإبل: أرباعا. مختصر القدوري (٢٨٦).
(١٢) أخرجه أبو داود (٤/ ١٨٦)، في (كتاب الديات)، في (باب في الخطأ شبه العمد)، برقم (٤٥٥٢)، بلفظ «قال عبد اللّهِ في شبْهِ الْعمْدِ خمْسٌ وعِشْرُونَ حِقّةً وخَمْسٌ وعِشْرُونَ جذَعَةً وخَمْسٌ وعِشْرُونَ بنَاتِ لبُونٍ وخَمْسٌ وعِشْرُونَ بنَاتِ مخَاضٍ». قال الزيلعي: وسكت عنه أبو داود، ثم المنذري بعده.
(١٣) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٧).
(١٤) الحقة: وهي ما تم لها ثلاث سنين، سميت بذلك لأنها بهذا السن استحقت أن يطرقها الفحل وأن يحمل عليها وتركب وتجمع الحقة حقاقا وحقائق. يُنْظَر: تهذيب اللغة (٣/ ٢٤٥)، لسان العرب (١٠/ ٥٥).
(١٥) الجذعة: وهي ما تم لها أربع سنين، سميت بذلك لأنها إذا بلغت هذا السن تجذع، أي: يسقط سنها. يُنْظَر: تهذيب اللغة (١/ ٢٢٦)، تاج العروس (١٨/ ٤٨٣).
(١٦) وهي ما تم لها خمس سنين ودخلت في السادسة وألقى ثنيته فهو حينئذ ثني والأنثى ثنية. يُنْظَر: تهذيب اللغة (١٥/ ١٠١)، الفرق (١/ ٧٠).
(١٧) البازل يقال: جمل بازل وناقة بازل: إذا فطر نابه في تاسع سنيه. يُنْظَر: الفائق في غريب الحديث (١/ ١٠٥)، جمهرة اللغة (١/ ٣٣٤).
(١٨) مذهب الشافعية: أن دية شبه العمد تجب مثلثة، فتجب فيها مائة من الإبل، ثلثهن حقة، وثلثهن جذعة، وأربعون خلفة. يُنْظَر: الحاوي الكبير (١٢/ ٢١٣)، الوسيط (٦/ ٣٢٨، ٣٢٩)، روضة الطالبين (٩/ ٢٥٦).
(١٩) المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود بن معتب الأمير، ويكنى أبا عبد الله وكان يكنى أبا عيسى فغيرها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكناه أبا عبد الله، وكان المغيرة بن شعبة من دهاة العرب وحزمتها وذوي الرأي منها والحيل الثاقبة وكان يقال له في الجاهلية والإسلام مغيرة الرأي وكان يقال ما اعتلج في صدر المغيرة أمران إلا اختار أحزمهما، وصحب النبي -صلى الله عليه وسلم- وشهد معه الحديبية وما بعدها وبعثه أبو بكر -رضي الله عنه- إلى أهل النجير وشهد فتح اليمامة وفتوح الشام وكان أعور أصيبت عينه في يوم اليرموك وشهد القادسية مع سعد ابن أبي، وولاه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عدة ولايات إحداها البصرة. توفي المغيرة في سنة خمسين في شعبان وله سبعون سنة.
يُنْظَر: الأغاني (١٦/ ٨٧)، سير أعلام النبلاء (٣/ ٢١).
(٢٠) عبدالله بن قيس بن سليم الأشعري اليماني الامام الكبير صاحب رسول الله التميمي الفقيه المقرئ، أسلم بمكة وهاجر إلى أرض الحبشة ثم قدم مع أهل السفينتين ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بخيبر. وكان من أطيب الناس صوتا سمع النبي صلى الله عليه وسلم قراءته فقال: لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل داود، واختلف في وفاته فقيل: توفي سنة اثنتين وخمسين، وقيل: اثنتين وأربعين، وقيل: أربع وأربعين ودفن بمكة، وقيل: دفن بالثوية على ميلين من الكوفة.
يُنْظَر: صفة الصفوة (١/ ٥٥٦)، سير أعلام النبلاء (٢/ ٣٨٠)، معرفة القراء الكبار (١/ ٣٩)، الوافي بالوفيات (١٧/ ٢٢٠).
(٢١) أي: محمد والشافعي -رحمهما الله- يُنْظَر: البناية شرح الهداية (١٣/ ١٦٣).
(٢٢) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٧).
(٢٣) قوله: وهذا غير ثابت لاختلاف الصحابة في صفة التغليظ، فابن مسعود قال بالتغليظ أرباعا - وسبق تخريج حديثه (٣٥٨ ص) -.
وأخرج أبو داود (٤/ ١٨٧)، في (كتاب الديات)، في (باب في الخطأ شبه العمد)، برقم (٤٥٥٤) عن أبي عياض عن عثمان بن عفان وزيد بن ثابت «في المغلظة أربعون جذعة خلفة وثلاثون حقة وثلاثون بنات لبون وفي الخطأ ثلاثون حقة وثلاثون بنات لبون وعشرون بنو لبون ذكور وعشرون بنات مخاض» انتهى وأبو عياض ثقة احتج به البخاري في صحيحه.
وأخرج أبو داود (٤/ ١٨٦)، في (كتاب الديات)، في (باب في الخطأ شبه العمد)، برقم (٤٥٥٠) عن مجاهد قال: «قضى عمر في شبه العمد ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلفة ما بين ثنية إلى بازل عامها كلها خلفة» انتهى. إلا أن مجاهد لم يسمع من عمر فهو منقطع.
وأخرج أبو داود (٤/ ١٨٦)، في (كتاب الديات)، في (باب في الخطأ شبه العمد)، برقم (٤٥٥١)، عن عاصم بن ضمرة عن علي أنه قال: «في شبه العمد أثلاثا ثلاث وثلاثون حقة وثلاث وثلاثون جذعة وأربع وثلاثون ثنية إلى بازل عامها كلها خلفة» انتهى، وعاصم بن ضمرة فيه مقال.
وروى أبي دواد (٤/ ١٨٦)، في (كتاب الديات)، في (باب في الخطأ شبه العمد)، برقم (٤٥٥٣)، عن عاصِمِ بن ضمْرَةَ قال: قال علِيٌّ -رضي الله عنه-: «في الخطأ أرْبَاعًا خمْسٌ وعِشْرُونَ حِقّةً وخَمْسٌ وعِشْرُونَ جذَعَةً وخَمْسٌ وعِشْرُونَ بنَاتِ لبُونٍ وخَمْسٌ وعِشْرُونَ بنَاتِ مخَاضٍ».
وروى ابن أبي شيبة (٥/ ٣٤٧)، (كتاب الديات)، في (باب دية العمد كم هي)، برقم (٢٦٧٦٠) حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي قال كان أبو موسى والمغيرة بن شعبة يقولان في المغلظة من الدية: «ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة ما بين ثنية إلى بازل عامها». يُنْظَر: نصب الراية (٤/ ٣٥٦، ٣٥٧).
(٢٤) سبق تخريجه (ص ٣٥٩).
(٢٥) سبق تخريجه (ص ٣٥٨).
(٢٦) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٧).
(٢٧) وفي (ب) (بالمتيقن)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.