للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: (لأنَّ في المنّ إبطال حقِّ الغانمين) أي: عندَكُم (أو ملكهم) أي: عندي (والخراج غير معادل) أي: للعقار (بخلاف الرِّقاب) لأنَّ للإمام أنْ يُبطِل حقَّهم رأسًا بالقتل، فكذا له أنْ يُبطِل بالخلف، وهو الجزية.

(ما رويناه) أي: من فعل عمر -رضي الله عنه-؛ (ولأنَّ فيه) أي: في إقرار أهله عليه (كالأكرة) أي: المزارعين، (والمؤن مرتفعة) أي: مؤنة الزراعة مرتفعة عن الإمام والمسلمين.

(فقد جَلَّ مآلًا) يعني: الخراج، وَإِنْ كان قَليلًا في الحال صورةً، فَهو كثيرٌ من حيث المعنىلدوامه، وهو وجوبه في كل سنة.

[قوله: (يخرج عن حد الكراهة)] (١) فقد ذكر الإمام التمرتاشي (٢): "فإنْ مَنَّ عليهم برقابهم وأراضيهم، وقَسَم النِّساء والذُّرية وسائر الأموال جاز، ولكن يُكْرَه؛ لأنَّهم لا ينتفعون بالأراضي بدون المال، ولا بقاء لهم بدون ما يمكن به تزجية العُمر، إلّا أن يَدَعَ لهم ما يمكنهم به العمل في الأراضي" (٣).

[[الحكم في الأسرى]]

(وهو في الأسارى بالخيار إن شاء قتلهم) فقد أَطلَق القتل في الأسارى، وهو ليس بمجري على إطلاقهفإنّ اسم الأسير باقٍ في الذي أسلم بعد الأسر، ولا يجوز القتل في حقِّه على ما يجيء.

قوله: (لأنَّه -عليه الصلاة والسلام- قد قَتَل) وذكر في الإيضاح: فأمَّا الكلام في جواز القتل بعد حصولهم في أيدي الإمامفما رُوِي عن النَّبي -عليه الصلاة والسلام- أنَّه قتل عُقبة بن أبي مُعَيط (٤)، والنَّضر بن الحارث (٥) بعدما حصلا في يده (٦)، وقتل بني قريظة بعد ثبوت اليد عليهم (٧). فإِنْ أسلموا سقط القتل عنهملأنَّها عقوبة وجبت للبقاء على الكفر، فإذا زال الكفر سقط القتل (٨).


(١) ما بين المعقوفتين مكرر في (ب).
(٢) هو: الشيخ، الإمام، أبو محمد، ظهير الدين: أحمد بن أبي ثابت: إسماعيل بن محمد أيدغمش الحنفي، مفتي خوارزم. كذا سمى نفسه في أول: شرحه (للجامع الصغير)، المتوفى: سنة ٦٠٠ وقيل ٦١٠ ينظر كشف الظّنون عن أسامي الكتب والفنون (٢/ ١٢٢١ - ١٢٤٦).
(٣) ينظر العناية شرح الهداية (٥/ ٤٧٢ - ٤٧٣)، البناية شرح الهداية (٧/ ١٣٣).
(٤) عقبة بن أبي معيط أبان بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف وأم عقبة آمنة بنت كليب بن ربيعة وعقبة هذا عدو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قُتل يوم بدر كافرًا. ينظر تهذيب الأسماء واللغات (١/ ٣٣٧)، الوافي بالوفيات - النسخة المحررة (٢٠/ ٥٩).
(٥) في (أ) "النضر بن أبي سهل"، وفي (ب): "والنضر بن سهل"، والصحيح ما أثبته. ينظر بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٧/ ١١٩). هو النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة القرشي من بني عبد الدار، عداده في الحجازيين، شهد حنينا، وأعطاه النَّبي -صلى الله عليه وسلم- مائة من الإبل. ينظر معرفة الصحابة لأبي نعيم (٥/ ٢٦٩٦)، أسد الغابة (٥/ ٣٠١)، ثم ذكر ابن الأثير أن النضر لَهُ صحبة، وهو غلط، فإن النضر أسر يوم بدر، وقتل كافرًا، قتله عَليّ بن أبي طالب، أمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذلك. أجمع أهل المغازي والسير عَلَى أَنَّهُ قتل يوم بدر كافرًا، وإنّما قتله لأنه كَانَ شديدًا عَلَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين.
(٦) رواه الطبراني في الأوسط، برقم (٣٨٠١) ٤/ ١٣٥، عن ابن عباس قال: "قتل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم بدر ثلاثة صبرًا، قتل النضر بن الحارث من بني عبد الدار، وقتل طعيمة بن عدي من بني نوفل، وقتل عقبة بن أبي معيط" قال: الهيثمي وفيه عبد الله بن حماد بن نمير ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (٦/ ٩٠).
(٧) عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: "ما قتل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- امرأة قط من بني قريظة إلا امرأة واحدة، والله إنّها لعندي تضحك ظهر البطن، وإنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليقتل رجالهم بالسيوف … ". أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب المغازي والسرايا، برقم (٤٣٣٤) ٣/ ٣٨. وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.
(٨) ينظر بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٧/ ١١٩)، العناية شرح الهداية (٥/ ٤٧٣).