للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنْ قيل: هذا الملك ثبت للموهوب له بغير عِوض، بخلاف ما لو ثبت لأَحد الغزاة بالقسمة، لأنَّ هذا الحقَّ إنَّما تعيَّن له بإزاء ما انقطع من حقِّه عمَّا في أيدي الباقين على ما ذكرنا.

قلنا: ههنا أيضًا ثَبت له هذا الملك بالعِوض معنىً، لما أنَّ المكافأة مقصودةٌ في الهبة، وإنْ لم [تكن مشروطة] (١)، فجعل ذلك المعنى معتبرًا في إثبات حقِّه في القيمة (٢)؛ إلى هذا أشار في المبسوط.

(ولو كان مغنومًا (٣)، وهو مثلي) كالدراهم والدنانير والحنطة والشعير، أي: ولو كان الذي أخذه الكفار من المسلمين مِثليًا كما ذكرنا، ثُمَّ وقع ذلك المثلي في الغنيمة فلصاحبه القديم أنْ يأخذ قَبل القسمة بغير شيء، وإن كان بعد القسمة لم يأخذه؛ لأنَّه لا فائدة في أخذه لما ذكر في الكتاب (٤).

(لما بيَّنَّا) إشارة إلى قوله: (لأنَّ الأخذ بالمثل غير مفيد، وكذا إذا كان مشترىً بمثلِه

[[ما وجد قبل القسمة وبعدها]]

قدرًاووصفًا) أي: إذا كان الذي أخذَه الكفار من المسلمين شيئًا مثليًا (٥) فاشتراه منهم مسلم بمثله قدرًا ووصفًا، ثم جاء صاحبه القديم ليس له أن يأخذه منهلأنَّه غير مفيد، وإنّما قيد بقوله: (قدرًا ووصفًا) احتراز عمّا لو اشتراه المسلم بأقلّ قدرًا منه، أو بجنس آخر، أو بجنسه، ولكن أردى منه وصفًا، فله أن يأخذه بمثل ما أعطاه المشتري.

وقال في الإيضاح: إلَّا أنْ يكونَ اشتراه منهم بخلاف جنسه، فيكون الأخذ مفيدًا، وكذلك لو اشتراه بجنسه بأقَلّ منه، فله أنْ يأخذ بمثل ما اشتراه، ولا يكون هذا ربًا؛ لأنَّه إنَّما فدى ليستخلِص ملكَه ويعيدَه إلى قديم ملكه (٦).

(وأمَّا الأَخْذ بالثمن فلِما قلنا) وهو قوله: (لأنَّه يتضرر بالأخذ مجانًا)؛

(لأنَّ الملك فيه صحيح) احتراز عن المشتري شراءً فاسدًا، فإنَّ الأوصاف هناك مضمونة على ما ذكر في الكتاب (٧).


(١) في (أ) " يكن مشروط".
(٢) ينظر المبسوط للسرخسي (١٠/ ٥٧).
(٣) في (أ) "معلوما"، و الصحيح ما أثبته. ينظر الهداية في شرح بداية المبتدي (٢/ ٣٩٣).
(٤) ينظر مختصر القدوري (ص ٣٦٣). وعبارته فيه: " فإنْ ظهر عليها المسلمون فوجدوها قبل القسمة فهي لهم بغير شيء، وإنْ وجدوها بعد القسمة أخذوها بالقيمة إن أحبوا".
(٥) المثلي: ما كان مكيلًا أو موزونًا، وجاز السّلم فيه. معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية (٣/ ٢١٥).
(٦) ينظر بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٧/ ١٢٩)، العناية شرح الهداية (٦/ ٨).
(٧) ينظر الهداية في شرح بداية المبتدي (٢/ ٣٩٣).