للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(لأنَّ الأوصاف لا يقابلها شيء من الثمن).

قيل: فيه نظر؛ لأنَّ الوصف إنَّما لا يقابل شيء من الثمن إذا لم يصِر مقصودًا بالتناول. ألا ترى أنْلو اشترى عبدًا ففقئت عينه ثم باعه مرابحة (١)؛ فإنَّه يحطُّ مِن الثمن ما يخصُّ العَين؛ لأنَّها صارت مقصودة بالتَّناول (٢)؛ كذافي الفوائد الظهيرية.

(بخلاف الشُّفعة (٣)؛ فإنَّ الأوصاف يقابلها شيء من الثَّمن في الشفعة، حتَّى لو استهلك المشتري من الدَّار شيئًا يُسقط حصتَّه من الثمن؛ لأنَّ المشتري في الذي وجبت (٤) الشفعة (بمنزلة المشتري شراءً فاسدًا)، مِن حيث إِنَّ كلَّ واحد منهما/ واجب الرَّدِّ، والأوصاف تُضمن في المشترى شراءً فاسدًا؛ كما في الغصب بأنَّ غصب جارية، فذهبت إحدى عينيها يضمن نصف قيمتها.

أمَّا الجواب عن مسألة المرابحة المذكورة في الفوائد، قلنا: الشُّبهة في المرابحة ملحَقة بالحقيقة، وأمَّا ههنا فإلحاق الأطراف بالعَين شُبْهة، فلا يُعتبر، فلذلك لا يأخذ المالك القديم الأرش (٥).


(١) بيع المرابحة: لغة: مأخوذة من الرّبح، وهو النّماء والزّيادة، تقول: "ربح في تجارته" إذا أفضل فيها، وأربح فيها بالألف: أى صادف سوقًا ذات ربح، وأربحت الرّجل إرباحًا: أعطيته ربحًا.
واصطلاحًا: عرّفها صاحب "الهداية": بأنّها نقل ما ملكه بالعقد الأوّل بالثمن الأوّل مع زيادة ربح.
وعرّفها ابن رشد: بأنّها أن يذكر البائع للمشتري الثمن الذي اشترى به السّلعة، ويشترط عليه ربحًا ما للدينار أو الدرهم. معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية (١/ ٤١٢)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٥/ ١٣٥).
(٢) ينظر العناية شرح الهداية (٦/ ٩)، البناية شرح الهداية (٧/ ١٩٣).
(٣) الشفعة: الزيادة وهو أن يشفعك فيما تطلب حتّى تضمه إلى ما عندك فتزيده وتشفعه بها. وقال القتيبي في تفسير الشفعة: كان الرجل في الجاهلية إذا أراد بيع منزل أتاه رجل فشفع إليه فيما باع فشفعه وجعله أولى بالمبيع ممن بعد سببه، فسمّيت شفعة وسمي طالبها شفيعًا. ينظرغريب الحديث لابن قتيبة (١/ ٢٠٢)، لسان العرب (٨/ ١٨٤).
الشفعة: هي مأخوذة من الشفع وهو الضّم الذي هو خلاف الوتر؛ لأنّه ضم شيء إلى شيء وسمّيت الشفاعة بذلك؛ لأنّها تضم المشفوع إليه إلى أهل الثواب فلمّا كان الشفيع يضم الشيء المشفوع إلى ملكه سمي ذلك شفعة. الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (١/ ٢٧٤).
(٤) في (ب) "وهبت"، والصحيح ما أثبته. ينظر العناية شرح الهداية (٦/ ٩).
(٥) الأرش: الذي يأخذه الرجل من البائع، إذا وقف على عيب في الثوب، لم يكن البائع وقفه عليه، سُمي: أرشًا، لأنه سبب من أسباب الخصومة والقتال والتنازع، فسُمي باسم الشيء الذي هو سببه. يقال: فلان يُؤرّش بين القوم: إذا كان يوقع بينهم الشر والفساد. الزاهر في معاني كلمات الناس (٢/ ٣٠٧)، لسان العرب (٦/ ٢٦٣.