للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[الإنتفاع بطريق العامة مقيد بشرط السلامة]]

(أَو هُوَ مُبَاحٌ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ (١)؛ لأنَّ الانتفاع بطريق العامَّة إنَّما يباح بشرط السَّلامة.

وعن هذا قال في «شرح الأقطع» بقوله: وقد قالوا: لو قعد في الطَّريق ليستريح أو لمرض أضعفه فعثر به إنسان ضمن؛ لأنَّ المشي في الطَّريق مباح بشرط السَّلامة، كما أنَّ الله تعالى أباح الرَّمي إلى الصَّيد ولو رمى صيدًا فأصاب السَّهم إنسانًا أو شاة ضمن واعتبر فيه السَّلامة فكذلك هنا (٢).

(وكَذَا الجَوَابُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ (٣) وهو: أنَّه لو فعله بأمر من له الولاية في الأمر لا يضمنه، ولو فعل بنفسه من غير أمر أحد يضمنه، (مِمَّا ذَكَرْنَاهُ (٤) أي: من أوَّل الباب إلى ههنا من إخراج الكنيف أو الميزاب أو الجُرصن وغيرها إلى الطَّريق الأعظم وكذلك إشراع الروشن وحفر البئر في طريق المسلمين.

وقوله: (وَغَيْرِهِ (٥) وهو كبناء الظلة وغرس الأشجار ورمي الثلج والجلوس للبيع؛ لأنَّ هذه الأشياء غير مذكورة في الكتاب، وقد ذكرها الإمام التمرتاشي: بأن كان له حفرا (٦) الحفر فيه، بأن كان لا يضر بالإنسان، أو أذن له الإمام في ذلك (٧).

(أَو غَمًّا (٨) أي: اختناقا بالعفونة هكذا كان بخط شيخي -رحمه الله- (٩)

وفي «الصِّحاح» يقال: يوم غم إذا كان يأخذ النَّفس من شدَّة الحر (١٠).

[[الموت بسبب الغم]]

(لأَنَّهُ مَاتَ مِنْ مَعْنًى فِي نَفْسِهِ (١١) أي: صار كأنَّه مات حتف أنفه لا بسبب الوقوع في البئر (١٢).


(١) الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٣).
(٢) يُنْظَر: تحفة الفقهاء (٣/ ١٢٥)، الاختيار تعليل المختار (٥/ ٥٠)، معين الحكام (٢١١).
(٣) الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٣).
(٤) الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٣).
(٥) الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٣).
(٦) كذا في (أ) والصواب (حق) كما في العناية، وسياق الكلام يقتضيها.
(٧) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٣)، تبيين الحقائق (٦/ ١٤٥)، العناية شرح الهداية (١٥/ ٣٣٧).
(٨) بداية المبتدي (٢٤٩).
(٩) يُنْظَر: البناية شرح الهداية (١٣/ ٢٣٧)، تكملة رد المحتار (١/ ١٦٦).
(١٠) يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (٥/ ٢٧٦).
(١١) الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٣).
(١٢) قال الإمام السرخسي-رحمه الله-: وفي ظاهر الرواية أوجب الضمان على الحافر مطلقا.
وقال صاحب الهداية: ولو حفر في الطريق ومات الواقع فيه جوعا أو غما: لاضمان على الحافر عند أبي حنيفة -رحمه الله-، وقال أبو يوسف رحمه الله: وإن مات غما فالحافر ضامن له، لأنه لا سبب للغم سوى الوقوع، أما الجوع فلا يختص بالبئر، وقال محمد: هو ضامن في الوجوه كلها لأنه إنما حدث بسبب الوقوع إذ لولاه لكان الطعام قريبا منه.
يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٧/ ١٥)، الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٣).