للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَجْدَةَ السَّهْوِ وَاجِبَةٌ، والإشارة راجعة إلى قوله: ويلزمه السهو (١).

قوله: وهُوَ الصَّحِيحُ احتراز عن قول القدوري، فإنه يقول: إنه سنة عند عامة أصحابنا. كذا في «التحفة» (٢)، وذكر في «المحيط» (٣): كان أبو الحسن الكرخي رحمه الله يقول: هو واجب استدلالًا بما قال محمد رحمه الله إذا سها الإمام وجب على المؤتم أن يسجد، ووجهه أنه جبر لنقصان العبادة، فكان واجبا كدم الجبر في الحج، وهذا لأن أداء العبادة بصفة الكمال واجب، وصفة الكمال لا يحصل إلا بجبر النقصان، وقال غيره من أصحابنا: إنه سنة استدلالًا بما قاله محمد أن العود إلى سجود السهو لا يرفع التشهد، ولو كان واجبًا لكان رافعًا للتشهد كسجدة التلاوة، ولأنه يجب بترك بعض السنن، والحلف لا يكون فوق الأصل.

قلت: العذر عن سجدة التلاوة وقد مر، وأما الوجوب بترك بعض السنن إنما يجب لسنة تضاف إلى كل الصلاة، وكانت هي بمعنى الواجب، ولهذا لا يجب بترك تسبيحات الركوع، والسجود في قولهم جميعًا (٤)، وأما الوجوب بترك بعض السنن، فهو (٥) دليل على ما قلنا حيث ذكروا بلفظ الوجوب، ويلزمه إذا ترك فعلًا مسنونًا، وهذا بيان التعداد (٦).

وفي «المحيط» (٧): وترك السنة المضافة إلى جميع (٨) الصلاة يجوز أن يترك التشهد في القعدة الأولى يوجب سجود السهو، وما ذكر في الكتاب لا يحتاج إلى التأويل، فإنه قال: أراد بالفعل المسنون الواجب الذي ثبت وجوبه بالسنة كالقعدة الأولى، ثم أنث في الكتاب ضمير الفعل في قوله: إن وجوبها بالسنة على تأويل القعدة، أو سنية (٩) الفعل.

[[متى يجب سجود السهو]]

قوله: أَوْ تَرَكَ/ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ إلى آخره تكلم المشايخ في هذا، وأكثرهم على أنه يجب بستة أشياء بتقديم ركن نحو أن يركع قبل أن يقرأ، ويسجد قبل أن يركع، وبتأخير ركن كترك سجدة صلبية تذكرها في الركعة الثانية، وبتأخير القيام إلى الثالثة بالزيادة على قدر التشهد، وبتكرار ركن كركوعين، وثلاث سجدات، ويتغير (١٠) الواجب كالجهر فيما يخافت أو على/ العكس، وبترك واجب كترك القعدة الأولى في الفرائض، وبترك السنة المضافة إلى جميع الصلاة كترك التشهد في القعدة الأولى، وكان القاضي الإمام صدر الإسلام يقول وجوبه بشيء واحد، وهو ترك الواجب، وهذا أجمع ما قيل فيه، فإن هذه الوجوه الستة تخرج (١١) على هذا؛ لأن كلها واجب، وأما التشهد في القعدة الأولى، فإنه كان يقول هو واجب، وعليه المحققون من أصحابنا، وكذلك يجب سجود السهو عندنا في تكبيرة الافتتاح بأن شك (١٢) في حالة القيام أو بعدها أنه هل كبر للافتتاح أم لا؟ وطال تفكره فيه، ثم علم أنه قد كبر فبنى أو ظنَّ أنه لم يكبر فكبّر، وبنى عليه فعليه سجدتا السهو فيها (١٣)، كذا في «المحيط» (١٤). أو القنوت، أو التشهد، أو تكبيرات العيد، وفي «المبسوط» (١٥): وإن سها عن قراءة التشهد في القعدة الأولى أو تكبريات العيد أو قنوت الوتر، ففي القياس أن (١٦) لا يسجد للسهو؛ لأن هذه الأذكار سنة، فتركها لا يتمكن كثير نقصان في الصلاة كما إذا ترك الثناء والتعوذ، وهذا لأن مبني الصلاة على الأفعال دون الأذكار، وسجود السهو عرف بفعل رسول الله عليه السلام، وما نقل عنه ذلك (١٧) إلا في الأفعال وجه الاستحسان أن هذه السنة يضاف إلى جميع الصلاة يقال (١٨): تكبيرات العيد، وقنوت الوتر، وتشهد الصلاة فبتركها يتمكن النقصان، والتغير في الصلاة فأما ثناء الافتتاح فغير مضاف إلى الصلاة، فبتركه لا يتمكن النقصان في الصلاة.


(١) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٥٠٢.
(٢) انظر: تحفة الفقهاء: ١/ ٢٠٩.
(٣) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٤٤.
(٤) ساقط من ب (جميعاً).
(٥) ساقط من ب (فهو).
(٦) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٥٠٢.
(٧) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٤٧.
(٨) في ب كل بدل من جميع.
(٩) في ب سنة بدل من سنية.
(١٠) في ب بتغيير بدل من يتغير.
(١١) في ب بخرج بدل من يخرج.
(١٢) ساقط من ب (شك).
(١٣) في ب فيهما بدل من فيها.
(١٤) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٤٧.
(١٥) انظر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٤٠٤.
(١٦) ساقط من ب (أن).
(١٧) في ب ذلك منه بدل من عنه ذلك.
(١٨) في ب فقال بدل من يقال.