للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وأما الملك) فلأنه تملّكه من وقت الغصب إذا ضَمِن، فصار ككسب المبيع بعد القبض، ولهما حديث الشاة المصلية (١) وهو معروف؛ ولأنّ الربح إنما يطيب بالملك والضمان، ثم لو وقع الخلل في الضمان لم يَطِبْ فكذلك في الملك، وقد وجد الخلل ههنا في الملك؛ لأنّ الغصب ليس من أسباب الملك وضعًا؛ وإنما صار سببًا للملك بطريق الاستناد (٢) للضرورة، فكان نائبًا من وجه دون وجه، والشُبهة فيما بُني أمره على الاحتياط مُلحقة بالحقيقة (٣) كذا ذكره الإمام المحبوبي (٤).

[[التصدق إذا تمكن الربح]]

(وما هذا حاله فسبيله التصدّق) كما إذا (اشترى جارية بيعًا فاسدًا وتقابضا وباعها وربح فيها تصدق بالربح) (لتمكُّن الخُبث (٥) في الربح) على ما مرّ في فصل أحكام البيع الفاسد (٦)، (وكذلك إذا اكتسب المبيع قبل القبض يلزمه التصدق به، وهنا أولى؛ وذلك لأن عدم الملك فوق عدم الضمان، ولما لم يَطِب له الربح عند عدم الضمان مع (٧) وجود الملك، فلَأَنْ لا يطيب له الربح عند عدم الملك بالطريق الأولى (٨).


(١) أخرجه أبو يوسف في الآثار: باب الصيد، (١/ ١٢٧) برقم (٥٨٣)، وأخرجه أبو داود في سننه: كتاب البيوع، باب في اجتناب الشبهات (٣/ ٢٤٤) برقم (٣٣٣٢)، وأخرجه أحمد في مسنده: أحاديث رجال من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، (٣٨/ ٤٥١) برقم (٢٣٤٦٥)، وأخرجه الدارقطني في سننه: كتاب الأشربة، باب الصيد والذبائح والأطعمة وغير ذلك، (٥/ ٥١٤) برقم (٤٧٦٣)، وأخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ٤١٠) برقم (٩٣٥)، وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار كتاب الصيد والذبائح والأضاحي، باب أكل لحوم الحمر الأهلية (٤/ ٢٠٨) برقم (٦٤٠٨)، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى: باب كراهية مبايعة من أكثر ماله من الربا (٥/ ٥٤٧) برقم (١٠٨٢٥) قال ابن حجر: (وهذا معلول). الدراية (٢/ ٢٠١).
(٢) الِاسْتِنَادَ: هُوَ أَنْ يَثْبُتَ الْحُكْمُ فِي الزَّمَانِ الْمُتَأَخِّرِ، وَيَرْجِعَ الْقَهْقَرَى حَتَّى يُحْكَمَ بِثُبُوتِهِ فِي الزَّمَانِ الْمُتَقَدِّمِ. شرح التلويح (١/ ٤٠٤)، قواعد الفقه (ص: ١٧٥)، موسوعة القواعد الفقهية (٥/ ٣٢).
(٣) انظر: أصول السرخسي (٢/ ١٩٥)، كشف الأسرار (٣/ ٣٢٨).
(٤) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٥٣)، المحيط البرهاني (٥/ ٥١٩).
(٥) الخُبْثُ: أَيْ النَجِسٌ أَوْ كَرِيهُ الطَّعْمِ وَالرَّائِحَةِ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ حَرَامٍ. المغرب مادة (خ ب ث) (ص: ١٣٧)، المصباح المنير مادة (خ ب ث) (١/ ١٦٢).
(٦) انظر: الهداية (٣/ ٥٣).
(٧) سقطت في (أ).
(٨) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٥٤)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٢٥).