للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اشترى أضحيةً ثم باعها واشترى مثلها]

(لأنّ بالشّراء للتضحية لا يمتنع البيع) (١).

وقال في "المبسوط": [وإذا] (٢) اشترى أضحيّة ثم باعها واشترى مثلها فلا بأس بذلك؛ لأن بنفس الشّراء لا يتعيّن الأضحية قبل أن يُوْجِبَهَا (٣).

(أنّه يكره الإشتراك بعد الشّراء لما بيَّنَّا) (٤)، أراد به قوله: (لأنّه أعدّها للقربة فيمنع عن بيعها) (٥)، إلى آخره.

[[بداية وقت ذبح الأضحية]]

(ووقت الأضحيّة يدخل بطلوع الفجر من يوم النّحر إلا أنّه لا يجوز لأهل الأمصار الذّبحُ [حتّى] (٦) يصلّي الإمام) (٧)، وهذه العبارة تشير إلى ما ذكره في "المبسوط" بقوله: فمن ضحّى قبل الصّلاة في المصر لا يجزئه؛ لعدم الشّرط لا لعدم الوقت؛ ولهذا جازت التضحية في القرى بعد انشقاق الفجر، ودخول الوقت لا يَختلِفُ في حق أهل الأمصار والقرى، وإنّما يختلفون في وجوب الصّلاة فليس على أهل القرى صلاة العيد (٨).

[[الخلاف في بداية وقت ذبح الأضحية]]

(وما رويناه حجة على مالك (٩) والشّافعي (١٠) -رحمهما الله- في نفي الجواز بعد الصّلاة قبل نحر الإمام) (١١)، أراد به قوله -عليه السلام-: «[وَمَنْ] (١٢) ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِيْنَ» (١٣)، وهو بعمومه يتناول ما قبل نحر الإمام وما بعده (١٤).


(١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٦٦).
(٢) في (ب): (ولو).
(٣) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٢/ ١٣).
(٤) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٦٦).
(٥) يُنْظَر: المرجع السابق.
(٦) في (ب): (حين).
(٧) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢١٩).
(٨) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٢/ ١٠).
(٩) يُنْظَر: الكافي في فقه أهل المدينة (١/ ٤٢٣)، القوانين الفقهية (ص ١٢٥).
(١٠) الصحيح من مذهب الشافعي/: أنَّهُ لا يشترط نحر الإمام. يُنْظَر: الأم للشافعي (٢٤٣ - ٢٤٤)، الوسيط في المذهب (٧/ ١٣٩).
(١١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٦٧).
(١٢) في (ب): (مَنْ).
(١٣) أخرجه البخاري (٧/ ١٠١) كتاب (الأضاحي) باب (قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي بردة ضَحِّ بالجذع من الْمَعْز) برقم (٥٥٥٦): عن البراء بن عازب -رضي الله عنهما- قال: ضَحَّى خَالٌ لِي، يُقَالُ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ، قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عِنْدِي دَاجِنًا جَذَعَةً مِنَ الْمَعْزِ، قَالَ: «اذْبَحْهَا، وَلَنْ تَصْلُحَ لِغَيْرِكَ» ثُمَّ قَالَ: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ المُسْلِمِينَ».
- وأخرجه مسلم (٣/ ١٥٥٢) برقم (١٩٦١).
(١٤) أقوال المذاهب في وقت ذبح الأضحية:
- مذهب الحنفية: يجوز في حق أهل الأمصار بعد فراغ الإمام من الصلاة والخطبة، فمن ذبح قبل ذلك لم يُجْزه، وأما في القرى والبوادي فمن طلوع الفجر الثاني.
- مذهب المالكية: لا يجوز ذبحها إلا بعد صلاة الإمام وخطبتيه وذبحه.
- مذهب الشافعية: إذا طلعت الشمس يوم النحر ومضي قدر صلاة العيد وخطبتين، فمن ذبح بعد هذا الوقت أجزأه، سواء صلى الإمام أم لا، وسواء صلى المضحي أم لا، وسواء كان من أهل الأمصار أو من أهل القرى أو البوادي أو المسافرين، وسواء ذبح الإمام ضحيته أم لا.
- مذهب الحنابلة: لا يجوز الذبح إلا بعد صلاة الإمام، ولو لم يذبح الإمام، ويستوي في ذلك أهل القرى والأمصار، وقال في المغني: والصحيح، إن شاء الله تعالى، أن وقتها في الموضع الذي يصلى فيه بعد الصلاة؛ لظاهر الخبر، والعمل بظاهره أولى، فأما غير أهل الأمصار والقرى، فأول وقتها في حقهم قدر الصلاة والخطبة بعد الصلاة؛ لأنه لا صلاة في حقهم تعتبر، فوجب الاعتبار بقدرها. يُنْظَر: تحفة الفقهاء (٣/ ٨٣)، المبسوط للسرخسي (١٢/ ١٠)، الكافي في فقه أهل المدينة (١/ ٤٢٣)، القوانين الفقهية (ص ١٢٥)، الحاوي الكبير (١٥/ ٨٥)، المجموع شرح المهذب (٨/ ٣٨٩)، المغني لابن قدامة (١٣/ ٣٨٤)، العدة شرح العمدة (ص ٢٩٦).