للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب المسح على الخفين]

قفى على التيمم بالمسح على الخفين [إما] (١) لأن كل واحد منهما طهارة مسح غير أن أحدهما بالتراب والآخر بالماء، أو لأن كل واحد منهما بدل عن الغسل، أو لأن [كلاً] (٢) منهما رخصة مؤقتة إلى غاية وهي وجدان [الماء] (٣) في التيمم ويوم وليلة أو ثلاثة أيام في المسح.

ثم في المسح على الخفين نحتاج إلى معرفة خمسة أشياء:

أحدها: معرفة أصل المسح.

والثاني: معرفة مدة المسح.

والثالث: معرفة خف يجوز عليه المسح.

والرابع: معرفة ما ينتقص به المسح.

والخامس: معرفة صورة المسح.

أما أصل المسح فإنه فريضة ثبتت بالأخبار فرضيتها، وذكر شمس الأئمة السرخسي -رحِمَهُ الله-: «اعلم بأن المسح على الخفين جائز بالسنة فقد اشتهر الأثر فيه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قولاً وفعلاً من ذلك حديث المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- قال: توضأ رسول الله -عليه السلام- في سفر وكنت أصبّ الماء عليه وعليه جبة شامية (٤) ضيقة الكمين، فأخرج يديه من تحت ذيله ومسح على خفيه فقلت: يا رسول الله نسيت غسل القدمين. فقال: «بَلْ أنْتَ نَسِيْتَ، بهذَا أمَرَني رَبِّي» (٥) (٦).

ومن لم ير المسح جائزًا من الصحابة كابن عباس وعائشة -رضي الله عنهم- صح رجوعهم إلى قول عامة الصحابة-رضوان الله عليهم أجمعين-؛ فإن ابن عباس كان يقول أولاً: (لأن أمسح على ظهر عيرٍ في الفلاة أحب إلي من أمسح على الخفين) (٧). وقد صح رجوعه عنه، رواه عطاء بن أبي رباح (٨).


(١) ساقط من (ب).
(٢) في (ب): «كل واحد».
(٣) ساقط من (ب).
(٤) صنف معروف من اللباس يصنع من صُوفٍ وهومن جباب الروم. انظر: الفائق في غريب الحديث والأثر (٢/ ١٠٨)
(٥) المبسوط للسرخسي (١/ ٩٧) باب المسح على الخفين.
(٦) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٣٠/ ٧٧) برقم (١٨١٤٥) وضعفه شعيب الأرنؤوط، وأبو داود في سننه (١/ ٤٠) برقم (١٥٦) -٥٩ بَاب الْمَسْحِ على الْخُفَّيْنِ-والطبراني في المعجم الكبير، ط مكتبة العلوم والحكم (٢٠/ ٤١٦) برقم (١٠٠١). والحاكم في المستدرك (١/ ١٧٠) كتاب الطهارة: باب المسح على الخفين، وقال: إسناده صحيح، ووافقه الذهبي.
ويغني عن هذا الحديث المتفق عليه، فقد أخرجه البخاري في صحيحه -بشرح ابن حجر- كتاب الطهارة، باب إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان (١/ ٣٠٩) برقم (٢٠٦) عن عروة بن المغيرة عن أبيه قال: «كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفر، فأوهيت لأنزع خفيه، فقال: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما» وأخرجه مسلم في صحيحه بشرح النووي -كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين (٣/ ١٦٩ - ١٧١) بعدة ألفاظ.
(٧) لم أقف فيما اطلعت عليه من الكتب، إلا أن السرخسي أورده في المبسوط (١/ ٢٧٤).
(٨) هو عطاء بن أبي رباح أسلم، أبو محمد، المكي القرشي مولاهم، الإمام، وكان ثقة فقيهًا عالمًا كثير الحديث، من كبار التابعين وعلمائهم، توفى على المشهور سنة: (١١٥ هـ). انظر: تهذيب الأسماء واللغات (١/ ٣٣٣)، سير أعلام النبلاء (٥/ ٧٨) رقم (٢٩).