للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت عائشة -رضي الله عنها-[تنكر المسح] (١) وتقول: لأن تقطع قدماي أحب إلي من أن أمسح على الخفين. فقد صح رجوعها عنه، رواه شريح بن هانئ (٢)، ولكثرة الأخبار فيه.

قال أبو حنيفة -رحمه الله-: ما قلت بالمسح حتى جاءني فيه مثل ضوء النهار (٣).

وقال أبو يوسف -رحمه الله-: خبر المسح يجوز نسخ الكتاب به لشهرته (٤).

وقال الكرخي -رحمه الله-: أخاف الكفر على من لم ير المسح على الخفين؛ لأن الآثار التي جاءت فيه في حيز التواتر (٥).

وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: والدليل على أن من لم ير المسح على الخفين كان ضالاً مبتدعًا ما روي أن أبا حنيفة -رحمه الله- سئل عن مذهب أهل السنة والجماعة فقال: هو أن يفضل الشيخين يعني أبا بكر وعمر على سائر الصحابة -رضي الله عنهم-، وأن يحب الحَنتَنَينْ (٦) عثمان وعليًّا، وأن يرى المسح على الخفين.

وروي أن قتادة (٧) -رحمه الله- لما قدم الكوفة دخل عليه أبو حنيفة -رحمه الله- وهو


(١) ساقط من (ب).
(٢) هو شريح بن هانئ بن يزيد بن نهيك الحارثي المذحجي ابن المقدام الكوفي، أدرك ولم ير، وهو من كبار أصحاب علي -رضي الله عنه- قتل مع أبي بكرة بسجستان سنة: (٧٨ هـ). انظر: تهذيب التهذيب (٦/ ١٢٤) فعن شريح بن هانيء قال: أتيت عائشة -رضي الله عنها- أسألها عن المسح على الخفين، فقالت: عليك بابن أبي طالب فسله؛ فإنه كان يسافر مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألناه فقال: «جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ»، قال: وكان سفيان إذا ذكر عمرًا أثنى عليه، وفي رواية عن شريح بن هاني قال: سألت عائشة -رضي الله عنها- عن المسح على الخفين فقالت: أئت عليًا، فإنه أعلم بذلك مني فأتيث عليًا فذكر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثله … أخرجه مسلم (١/ ٤٤٥) برقم (٦٦١ - ٦٦٣) - كِتَاب الطَّهَارَةِ - ٤ بَاب التَّوْقِيتِ في الْمَسْحِ على الْخُفَّيْنِ-.
(٣) المبسوط للسرخسي (١/ ٩٨)، البناية (١/ ٥٥٤).
(٤) المبسوط للسرخسي (١/ ٩٨).
(٥) المصدر السابق.
(٦) أي: زوجا ابنتي النبي -صلى الله عليه وسلم- انظر: الصحاح (٥/ ٢١٠٧) مادة [ختن]، لسان العرب (١٣/ ١٣٨) مادة [ختن].
(٧) هو الإمام: قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز الحافظ العلامة أبو الخطاب الدوسي البصري، الضرير، الأكمه، المفسر، روى عن أبي عبيدة عامر بن الجراح، وعن أنس، قال عنه الإمام أحمد: وأصنب في مدحه، مات بواسط في الطاعون سنة: (١١٨ هـ) وقيل: (١١٧ هـ) وله سبع وخمسون سنة. انظر: الطبقات الكبرى (٧/ ١٧١) برقم (٣١٣٩)، الثقات للعجلي ط الباز (١/ ٣٨٩) برقم (١٣٨٠)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٧/ ١٣٣) برقم (٧٥٦)، سير أعلام النبلاء (٥/ ٢٦٩) برقم (١٣٢).