للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: لكنْ لا يتمُّ لهما دفع/ قولُ أبي يُوسُف بمطلق ما ذُكِرَ في الْكِتَابِ من دَسْرِ البحرِ الذي يجبُ فيه الخُمس في حديث ابن عباس، كان العنبر مما دَسَره البحرُ أيضًا على ما ذكرت في "المَبْسُوط" (١)، ونفى الخُمس عنهُ، فلاُبَّد مِن زيادةِ القيدِ (٢) الذي [يوَجب الخمس بعد وُجود البحرِ في حديث عمر وهو أنْ يقُالَ: والمرويُّ عن عُمرَ فيما دَسَّرَهُ البحرُ الذي في دارِ الحربِ، فدخل الجيش دار الحرب، فوجدوه على ساحلِ بحر دارِ الحربِ فأخذوه] فكان (٣) غنيمةً فيجبُ الخمس.

وأما حديثُ ابنِ عباس فَفِيَما دَسَّرهُ البحُر الذي في دار الإسلام وجده واحدٌ من الناس، أو فيما دَسَره البحُر الذي في دارِ الحربِ، لكن أخذُه واحدٌ مِن المسلمين فلا خمُس فيهِ؛ لأنهُ بمنزِلة المتلصصِ، لا كالمجاهدِ وليس فيما أخذهُ المتلصصُ (٤) خمُسٌ (٥).

[[تعريف العنبر]]

وفي "المَبْسُوط" (٦): وقِيل: العنبر نبت] ينبت (٧) في البحر بمنزلة الحشيش في البِّرِ، وقِيلَ: إنهُ خِثيُ (٨) دابةٍ في البحر، وليس في أَخْثاءِ الدّوابِ شيءٌ وفي كتابِ المسالك (٩) العنبر: نباتٌ يكون في قعرِ البحرِ فربما يبتلعهٌ الحوتُ، فإذا استقر في بطنِ الحوتِ لَفَظَهُ لمِرارتِهِ، وما لم يبتلعْهُ الحوتُ فهو الجيد منه (١٠)، وفي "الجامع الصغير" للإمام الْإِسْبِيجَابِي -رحمه الله- (١١): وقد وقعَ الاختلافِ في هذه المسائلِ في أربعة مواضعِ، في ثلاثةٍ منها: مُحَمَّد مع أبي حَنِيفَةَ -رحمه الله-، وأبو يُوسُف وَحَدَه، أحدها: الكنز إذا وُجِدَ في أرضٍ مملوكةٍ، فهو لِصاحِبِ الخطةِ عندهما وعند أبي يُوسُف -رحمه الله- للواجد.


(١) يُنْظَر: المَبْسُوط للسَّرَخْسِي (٢/ ٣٨٤).
(٢) في (ب): (القيد الذي).
(٣) سقطت في (ب).
(٤) تَلصَّصَ، من اللُّصوصيَّةِ، وتلصص الرجل: إِذا صار لصّاً، تلصَّصَ يتلصَّص، تلصُّصًا، فهو مُتلصِّص.
وتلصَّصَ الشَّخْصُ أي تجسَّس وتسمَّع خفية.
يُنْظَر: شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (٩/ ٥٩٧٨)، معجم اللغة العربية المعاصرة (٣/ ٢٠١٠).
(٥) الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٢٤١).
(٦) يُنْظَر: المَبْسُوط للسَّرَخْسِي (٢/ ٣٨٥).
(٧) سقطت في (ب).
(٨) الخُثي للبقر والجمع أخثاء مثل حلس وأحلاس وخثي البقر من باب رمى والقى مافي بطنه. مختار الصِّحَاح (١/ ١٩٦)، المصباح المنير (١/ ٨٨).
(٩) كتاب المسالك لابي عبيد البكري عبدالله بن عبدالعزيز بن مُحَمَّد البكري الأندلسي، مؤرخ جغرافي، ثقة. علامة بالأدب، له معرفة بالنبات، نسبته إلى بكربن وائل كان إمامًا، لّغويًّا، إخباريًّا، متقِنًا. يُنْظَر: تاريخ الاسلام (١٠/ ٥٧٧)، الأَعْلَام للزركلي (٤/ ٩٨).
(١٠) المسالك والممالك (١/ ٢٠٠).
(١١) هو: علاء الدين أو بهاء الدين علي بن مُحَمَّد بن اسماعيل السمرقندي الْإِسْبِيجَابِي، المعروف بشيخ الاسلام، لم يكن بما وراء النهر في زمانه من يحفظ مذهب أبي حَنِيفَةَ ويعرفه مثله، عمّر في نشر العلم، وسماع الحديث، تفقه على صاحب الهِدَايَة، له (شرح مختصر الطحاوي)، (المَبْسُوط) (ت ٥٣٥ هـ)
يُنْظَر: الجواهر المضية (٢/ ٥٩٢)، الفَوَائِد البهية (ص ٥٠٩).