للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو في استيفاء بعض الثمن ولو اختلفا في استيفاء كل الثمن فالحكم كذلك [حيث يكون اليمين على البائع لا غير وإنّما لم يذكره؛ لأن ذلك] (١) مفروغ منه باعتبار أنّه صار ذلك بمنزلة سائر الدعاوى (وهذا لأنّ بانعدامه) أي: بانعدام ما ذكرنا من الأجل وشرط الخيار واستيفاء بعض الثمن (لا يختل ما به قوام العقد) (٢) لأنّ العقد بلا شرط وأجل جائز [الشرط والأجل] (٣) فإذا اختلفا في الشرط أو في الأجل وحلفا بقي العقد بلا شرط وأجل وإنه لا يوجب الفساد.

وأمّا إذا اختلفا في الثمن أو المثمن وحلفا لم يثبت ما ادّعاه أحدهما فيبقى الثمن [أو المثمن] (٤) مجهولاً (٥) وذلك يوجب الفساد.

ووجه آخر وهو أن الاختلاف في الثمن أو المثمن يوجب الاختلاف في العقد، ألا ترَى أنّه لو اختلف الشاهدان فشهد أحدهما بالبيع بألف درهم والآخر بالبيع بالدنانير لا يقبل وإذا اختلفا في العقد كان كل منهما مدّعياً ومنكراً أما الإختلاف في الشرط والأجل لا يوجب الإختلاف في العقد ألا ترَى أنّه لو شهد أحدهما أنّه باعه بألف إلى شهر [حالّةٍ] (٦) وشهد الآخر أنّه باعه بألف يقضي بالعقد بألفٍ حالّةٍ وكذا لو شهد أحدهما أنّه باعه [بشرط الخيار ثلاثة أيام وشهد الآخر أنّه باعه] (٧) ولم يذكر الخيار جازت الشهادة كذا ذكره الإمام قَاضِي خَانْ -رحمه الله- في الجامع (٨).

(بخلاف الاختلاف في وصف الثمن) بأنّه جيّد أو رديء وجنسه بأنّه دراهم أو دنانير (لأنّ ذلك) أي: الاختلاف في الوصف (فإن الثمن دَيْنٌ وهو يعرف بالوصف)، فلما اختلفا في الوصف وهو مُعرّف صار الاختلاف في المعرّف، وهو الثمن (لأنَّه ليس بوصف) (٩) أي: لأنّ الأجل ليس بوصف بل هو أصل بنفسه لكنّه يثبت بواسطة الشرط.

[[الاختلاف في الثمن بعد هلاك المبيع]]

(فإن هلك المبيع) أي: بعد قبض المشتري (ثُمَّ اختلفا) (١٠) أي: في مقدار الثمن هكذا ذكر في المَبْسُوط (١١) وقال: وإن كانت السلعة قد هلكت في يد المشتري [ثُمَّ اختلفا في الثمن] (١٢) فعلى قول أَبِي حَنِيفَةَ وأبي يُوسُف القول قول المشتري مع يمينه (١٣) وعند مُحَمَّد (١٤) والشافعي (١٥) يتحالفان ويترادان العقد على القيمة لظاهر قوله -عليه السلام-: «إذا اختلف المتبائعان تحالفا وترادا» (١٦)، ولا يمنعنا من الاستدلال لظاهر هذا الحديث ما في الحديث الآخر من ظاهر قوله -عليه السلام-: «والسلعة قائمة بعينها» (١٧)؛ لأنّ ذلك مذكور على سبيل التنبيه أي: تحالفا وإن كانت السلعة قائمة؛ لأن عند ذلك يتأتّى تمييز الصادق من الكاذب بتحكيم قيمة السلعة في الحال ولا يتأتّى ذلك بعد هلاك السلعة، وإذا كان يجري التحالف مع إمكان تمييز الصادق من الكاذب فعند عدم الإمكان أولى ولأنّ التحالف عند قيام السلعة إنما يصار إليه [أي: يتحالفان في هاتين الصورتين بالإجماع] (١٨)؛ لأنّ كل واحد منهما يدّعي عقدًا ينكره صاحبه فالبيع بألف غير البيع بالفين ألا ترَى أنّ شاهدي البيع إذا اختلفا في مقدار الثمن لا تقبل الشهادة والدليل عليه أنه لو انفرد كل واحد منهما [بإقامة البينة وجب قبول بينته.


(١) [ساقط] من (ج).
(٢) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٦٢).
(٣) [ساقط] من (ب) و (ج).
(٤) [ساقط] من (ج).
(٥) يُنْظَر: بدائع الصنائع؛ للكاساني (٦/ ٢٥٩).
(٦) [ساقط] من (أ) و (ب).
(٧) [ساقط] من (ج).
(٨) تصحيف والصحيح شرح الجامع الصغير؛ لقاضي خان. يُنْظَر: اللباب في شرح الكتاب (١/ ٣٦٣).
(٩) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٦٢).
(١٠) يُنْظَر: بداية المبتدي (١/ ١٦٦)
(١١) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٣/ ٥٦).
(١٢) في (ج) (في مقدار الثمن).
(١٣) يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (٢/ ١٣٠).
(١٤) يُنْظَر: شرح فتح القدير (٨/ ٢١٣)، البناية في شرح الهداية (٨/ ٤٤٣).
(١٥) مذهب الشافعية: أنه إذا اختلف المتبايعان في قدر الثمن، أو جنسه، أو صفته ولم يكن لأحدهما بيّنة، تحالفا، سواء كانت السلعة باقية أو تالفة ثم يفسخ البيع بعد التحالف. فإن كان المبيع باقيًا لزم المشتري ردّه، ويبقى له الولد والثمرة والكسب والمهر. وإن كان تالفًا، لزمه قيمته، سواء كانت أكثر من الثمن الذي يدعيه البائع أم لا. يُنْظَر: روضة الطالبين (٣/ ٥٧٧ - ٥٨٤)، مغني المحتاج (٢/ ٩٧).
(١٦) سبق تخريجه، ص (٢٥١).
(١٧) سبق تخريجه، ص (٢٥١).
(١٨) [ساقط] من (أ) و (ج)