للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[شرط صحة الحجر علم العبد]]

(ويبقى العبد مأذونًا إلى أن يعلم بالحجر) يعني: كما أن عِلْم أهل السوق بالحجر شرط لصحة الحجر، فكذلك عِلْم ذلك العبد بحجر نفسه شرط لصحة الحجر في حقه أيضًا؛ دفعًا للضرر والغرور عنه، كما في حق أهل السوق، فقد ذكرناه (١).

[وأما وجه الضرر والغرور في حق أهل السوق فقد ذُكر] (٢)، وأما وجه الضرر في حق العبد؛ فإن العبد يُبايع بناء على أنه مأذون، وأن ما يجب عليه من الدين يستوفى حال رقه من مال الموْلَى، فمتى صحَّ الحجر بغير علم العبد تتأخر حقوق الغرماء إلى ما بعد العتق، ويستوفي الكل من خالص ملك العبد، والعبد لم يرض بذلك. كذا في «الذخيرة» (٣).

[يصير المأذون محجورا إذا مات الموْلَى أو جُنَّ]

(ولو مات الموْلَى أو جُنَّ صار المأذون محجورًا)، والمراد منه الجنون المُطْبِق، أما إذا لم يكن مُطبِقًا بأَنْ كان يُجَنّ ويُفِيق لا ينحجر؛ ثم اختلفوا في تحديد الجنون المطبق؛ قال محمد (٤) - رحمه الله-: إذا كان الجنون دون الشهر فليس بمطبق، وإن كان شهرًا فصاعدًا فهو مطبقٌ، ثم رجع وقال: مأذون السَّنة ليس بمطبق، والسَّنة وما فوقها مطبق، وعن أبي يوسف (٥) -رحمه الله- أن أكثر السنة فصاعدًا مطبق (٦)، وما دونه فليس بمطبق. كذا في «الذخيرة» (٧).

[[المراد بالجنون المطبق]]

(فلا بد من قيام أهلية الإذن في حال البقاء)؛ لأنه لما كان (لدوامه حكم الابتداء) كان هو مُتجدِّدا حكمًا في كل زمان، وكأنَّ الموْلَى صار آذنًا في كل زمان فلا بدَّ من قيام الأهلية للآذن (٨) وقت الإذن، كما في الابتداء الحقيقي، والجنون، والارتداد (٩) مانع (١٠) ابتداء، فكذا بقاء (١١)، (وقال الشافعي (١٢) (١٣) -رحمه الله- يبقى مأذونًا).


(١) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ٢٠٦)، شرح السير الكبير (ص: ٣٦٢)، حاشية ابن عابدين (٦/ ١٦٦).
(٢) في (ع) سقط نظر.
(٣) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٢٨)، بدائع الصنائع (٧/ ١٩٤)
(٤) انظر: الاختيار (٢/ ١٦٣)، فتاوى قاض خان (٣/ ٥٨٥)، البناية شرح الهداية (١١/ ١٥٣).
(٥) انظر: المبسوط للسرخسي (١٩/ ١٣)، بدائع الصنائع (٦/ ٣٨)، المحيط البرهاني (٩/ ٣٥١).
(٦) في (ع) (مطبقًا) وما أثبت هو الصحيح. انظر: البناية شرح الهداية (١١/ ١٥٣).
(٧) انظر: المبسوط للشيباني (٨/ ٥٢٥)، بدائع الصنائع (٦/ ٣٨)، فتاوى قاض خان (٣/ ٥٨٥).
(٨) في (ع) (الإذن).
(٩) الِارْتِدَادُ لغَةً: الرُّجُوعُ. مختار الصحاح مادة (ر د د) (ص: ١٢١) وشرعًا: وهو الرجوع من الدين الحق إلى الباطل، فمن ارتد- والعياذ بالله- عُرض عليه الإسلام وكشفت شبهته، فإن استمهل حُبس ثلاثة أيام، فإن تاب وإلا قُتل، أي إن تاب فبها وإن لم يتب قتل. أنيس الفقهاء (ص: ٦٧)، تبيين الحقائق وحاشية الشلبي (٣/ ٢٨٤).
(١٠) في (ع) (مانعا).
(١١) انظر: الاختيار (٢/ ١٠٣)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٥٠)، اللباب (٢/ ٢٢٥).
(١٢) انظر: العزيز (٤/ ٣٦٧)، المجموع (١٤/ ٣٩٨)، تحفة المحتاج (٤/ ٤٨٩)، نهاية المحتاج (٤/ ١٧٧).
(١٣) وبقول الشافعي قال أحمد. انظر: المغني (٥/ ٦٢)، الإقناع (٢/ ٢٣١).