للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحديث الأعرابي تأويله «أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- عرف بطريق الوحي خصوصيته ببقاء إحرامه بعد موته، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخص بعض أصحابه بأشياء، وكذا أيضًا في وجوب كشف الوجه للمحرم هو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص لعثُمَّان حين اشتكت عينه في حالة الإحرام أنْ يغطي وجهه، فتخصيصه حال الضرورة بالرخصة، دليل على أنَّ المُحرمَ منهي عن تغطيةِ الوجهِ» هذا كله من «المبسوط» (١).

[منع الطيب على المحرم]

(ولا يَمَسُّ طِيبًا) (٢).

الطيبُ ما له رائحة طيبة.

(الْحاجُّ الشَّعِثُ) (٣).

هذا جملة من مبتدأ أو خبر، والشَعِثُ من الشَعَثِ بكسر العين نعت، وبفتحها مصدر، وهو انتشار الشعر، وتغبره لقلة التعهد (٤)، وكذلك التَفَلُ من التَفَلِ، وهو أنْ يتركَ التطيب حتى يوجد منه رائحة كريهة.

وامرأةٌ تفلةٌ أي: غير متطيبة، ومنها وليخرجن تفلات كذا في «المغرب» (٥).

لقوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ} (٦) الآية.

فإن قلتَ: في هذه الآية نهيٌ عن حلقِ الرأسِ، فما وجه التمسك بها في النهي عن حلق شعر البدن؟

قلتُ: حلق شعر البدن في معنى حلق شعر الرأس من حيث الارتفاق (٧)، فكانت الآية عبارة في حق حلق [شعر] (٨) الرأس، ودلالة في حق شعر البدن، وذلك لأن الشعر له حياة نامية فينمو ويزداد، فإذا نُهي عن حلق الرأس استحق شعر رأسه الأمن عن الإزالة، فيشاركه في ذلك ما هو في معناه، وشعر البدن في معناه، فيلتحق به في حق استحقاق الأمن عن الإزالة إلى هذا أشار في «مبسوط شيخ الإسلام» (٩).


(١) انظر: المبسوط (٤/ ٦ - ٧).
(٢) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٤)
(٣) الشعث هنا بمعنى: تفرّق الشعر وانتشاره وتغيّره لقلة التعهّد كما يتشعب رأس السواك، والرجل الشعث: المغبر الرأس، المنثور الشعر.
انظر: المصباح المنير (ص/ ٣١٤)، معجم لغة الفقهاء (ص/ ٢٣٤).
(٤) التعهد: تصفيف الشعر.
انظر: مختار الصحاح، مادة عهد، (٣٧٨).
(٥) انظر: المغرب في ترتيب المعرب (١/ ٦٠).
(٦) سورة البقرة من الآية (١٩٦).
(٧) الارتفاق: الترافق بينهما.
انظر: مختار الصحاح، مادة رفق، (ص ٩٨).
(٨) أثبته من (ج).
(٩) هو كتاب المبسوط لمحمد بن الحسن الشيباني رحمه الله ويطلق عليه الأصل عند الأحناف وهو مطبوع في خمس مجلدات بتحقيق أبو الوفا الأفغاني طبعته إدارة القرآن والعلوم الإسلامية في كراتشي.
انظر: المبسوط للشيباني (٢/ ٤٣٣)، العناية شرح الهداية (٢/ ٤٤٢).