للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[الفرق بين الاختصام في الشرب والاختصام في الطريق المشترك]]

السَّكْرُ (١): بَسْتُن آب، من حدّ نصر.

(لم يكن له ذلك) (٢) الضّمير راجع إلى مصدر (يَسْكُر) (٣) أي: لم يكن للأعلى السَّكْرُ (ولكنه يشرب بحصته) (٤) أي: من غير سَكْرٍ (٥).

(فإن تراضوا على أن يَسْكُرَ الأعلى النّهرَ حتّى يشرب بحصّته) (٦) جاز ذلك؛ لأنّ المانع حقهم وقد انعدم بتراضيهم (٧).

فإنْ قُلتَ: لم يذكر حكم ما إذا لم يمكن للأعلى سقي أرضه بدون السَّكْرِ ولم يتراض [الشركاء] (٨) على سَكْرِ الأعلى ولم يصطلحوا؛ ماذا يفعل الأعلى في سقي أرضه؛ فما حكمه لو كان هكذا؟.

قُلتُ: ذكر في "فتاوى قاضي خان": ولو كان الماء في النّهر بحيث لا يجري إلى أرض كلّ واحد منهم إلا بالسّكر فإنّه يبدأ بأهل الأسفل حتى يرووا ثم بعد ذلك لأهل الأعلى أن يسكروا ليرتفع الماء إلى أراضيهم (٩).

وذكر في شرب "المبسوط": وعن ابن مسعود -رضي الله عنه-: «أَهْلُ أَسْفَلِ النَّهْرِ أُمَرَاءُ عَلَى أَهْلِ أَعْلَاهُ حَتَّى يَرْوَوا» (١٠)، وفيه دليل على أنّه ليس لأهل الأعلى أن يُسَكِّروا النّهر ويحبسوا الماء عن أهل الأسفل؛ لأنّ حقهم جميعًا ثابت فلا يكون لبعضهم أن يمنع حق الباقين (١١).


(١) السَّكْرُ: مصدرُ سَكَرْتُ النهرَ أَسْكُرُهُ سَكْراً، إذا سَدَدْته، فَهُوَ مَا يُسَكَّرُ به الْمَاءُ. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (٢/ ٦٨٧)، شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (٥/ ٣١٣٤)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص ٢٥٣).
(٢) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٢٣).
(٣) يُنْظَر: المرجع السابق.
(٤) يُنْظَر: المرجع السابق.
(٥) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢٣/ ١٧٢)، العناية شرح الهداية (١٠/ ٨٥)، رد المحتار على الدر المختار (٦/ ٤٤٥).
(٦) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٢٣).
(٧) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢٣/ ١٧٢ - ١٧٣)، الأصل للشيباني (٨/ ١٥١)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (١/ ٣٠٨).
(٨) في (ب): (الشريكان).
(٩) يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (٣/ ٦٢)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٣٣٢)، العناية شرح الهداية (١٠/ ٨٦).
(١٠) أخرجه أبو يوسف في "الخراج" (ص ١١٥) فصل (في من اتخذ مَشْرَعَةً في أرضه على شاطئ نهر) موقوفاً، قال: وَحَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْسٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: «أَهْلُ الأَسْفَلِ مِنَ الشُّرْبِ أُمَرَاءٌ عَلَى أعلاء حَتَّى يَرْوَوْا»
- وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (٩/ ٢٣٦) باب (العين) برقم (٩١٥٤) بِلَفْظِهِ، قال: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَلَطِيُّ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا أَبُو الْعُمَيْسِ، عَنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: «أَهْلُ الشُّرْبِ أُمَرَاءُ عَلَى أَهْلِ أَعْلَاهُ».
- قال الهيثمي في "مجمع الزوائد": رواه الطبراني في الكبير، وإسناده منقطع. يُنْظَر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي (٤/ ١٦١).
(١١) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢٣/ ١٦٣)، العناية شرح الهداية (١٠/ ٨٦)، رد المحتار على الدر المختار (٦/ ٤٤٤).