للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[صفة القعدة في التشهد]]

قوله -رحمه الله-: (افْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى) إِلَى آخِرِهِ

وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْقَعْدَتَيْنِ جَمِيعاً: (الْمَسْنُونُ أَنْ يَقْعُدَ مُتَوَرِّكاً، وَذَلِكَ أَنْ يُخْرِجَ رِجْلَيْهِ مِنْ جَانِبٍ وَيُفْضِي (١) بِإِلْيَتَيْهِ إِلَى الْأَرْضِ) (٢) وَالشَّافِعِيُّ (٣) يَقُولُ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى مِثْلَ قَوْلِنَا (؛ لِأَنَّهَا لَا تَطُولُ) (٤) وَهُوَ يَحْتَاجُ إِلَى الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ أَقْرَبُ إِلَى الاسْتِعْدَادِ ِللْقِيَامِ (٥) وَفِي الْقَعْدَةِ الثَّانِيَةِ لِقَوْلِ مَالِكٍ -رحمه الله-؛ لِأَنَّهَا تَطُولُ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى الْقِيَامِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُسْتَقِرّاً عَلَى الْأَرْضِ

وَلَنَا حَدِيثُ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا وَصَفَتْ قُعُودَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِمِثْلِ مَا قُلْنَا، وَكَذَلِكَ وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ وَمَا رُوِيَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الْكِبَرِ لِلْعُذْرِ؛ وَلِأَنَّ الْقُعُودَ كَمَا قُلْنَا يَكُونُ أَشَقَّ عَلَى الْبَدَنِ؛ فَكَانَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ لِلْحَدِيثِ، وامَّا مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ -رحمه الله- فَنَقُولُ مَا كَانَ مُتَكَرِّراً مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ لَمْ يُخَالِفِ الثَّانِيَةُ الْأُولَى فِي الصِّفَةِ كَسَائِرِ الْأَفْعَالِ مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِيَامِ كَذَا فِي "الْمَبْسُوطِ".

[[الإشارة باليد عند الدعاء في التشهد]]

ثُمَّ هَلْ يُشِيرُ بِالْمُسَبِّحَةِ إِذَا انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَمْ لَا؟.

فَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ يَقُولُ بِأَنَّهُ لَا يُشِيرُ؛ لِأَنَّ فِي الْإِشَارَةِ زِيَادَةَ رَفْعٍ لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهَا؛ فَيَكُونُ الْتَرْكُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ مَبْنَى الصَّلَاةِ عَلَى السَّكِينَةِ، وَالْوَقَارِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُشِيرُ بِالْمُسَبِّحَةِ، وَقَدْ نَصَّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ -رحمه الله- عَلَى هَذَا فِي كِتَابِ الْمَشْيَخَةِ حَدِيثاً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَيْ يُشِيرُ ثُمَّ قَالَ نَصْنَعُ بِصَنِيعِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَنَأْخُذُ بِفِعْلِهِ، (وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ (٦) -رحمه الله- وَقَوْلُنَا ثُمَّ كَيْفَ يُشِيرُ؟


(١) في (ب): (ويقعي).
(٢) ينظر: "المدونة الكبرى" لمالك بن أنس " (١/ ١٦٨).
(٣) في (ب): (ويقعي).
(٤) ينظر: "مختصر المزني" (ص ٢٦).
(٥) (لِلْقِيَامِ) ساقطة من (ب).
(٦) ينظر: "بدائع الصنائع للكاساني" (١/ ٢١٤).