للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[في إعتاق المدبر وأم الولد لا ضمان على الموْلَى]

أحدهما: أن في مسألة إعتاق العبد المديون عِلْم الموْلَى بدينه وعدم عِلْمه سواء في حكمه، وفي إعتاق العبد الجاني يُفرَّق بين عِلْم الموْلَى بجنايته وعدم عِلْمه بها؛ فإنه لو كان عالمًا بالجناية كان مختارًا للفداء، والفداء: الدِّية إن كان المقتول حُرًّا، أو قيمة المقتول إن كان عبدًا إلا (١) أن يزيد على عشرة آلاف درهم يَنقص منها عشرة، وإن لم يعلم الموْلَى بالجناية فأعتقه غَرُم قيمة القاتل بالغة ما بلغت، إذا لم تبلغ قيمته عشرة آلاف درهم، وأما إذا كانت عشرة آلاف درهم أو أكثر؛ فإنه يَضمن عشرة آلاف درهم إلا عشرة، ولا يضمن قيمته بالغة ما بلغت،

[الفرق بين علم الموْلَى بجناية العبد وعدم علمه]

وفي مسألة المديون يَضمن (٢) قيمة عبده بالغة ما بلغت، وإن زادت على عشرة آلاف درهم، وإن لم يعلم بدينه وإنما كان هكذا؛ لأن المُسْتَحَقَّ في الدين مالية الرقبة تبعًا للدين، وإعتاق الموْلَى إتلاف لذلك، فلزمه قيمته سواء أكان عالمًا به أم غير عالمٍ (٣) به بمنزلة إتلاف مال الغير (٤).

[لا يشترط علم الموْلَى في إعتاق العبد المديون]

وأما في مال (٥) الجناية المُسْتَحَقَّ في حق الموْلَى فأحد شيئين: الدَّفع، والفِدَاء؛ وهو مخيَّر بينهما، وفي حكم الاختيار يختلف العلم وعدم العلم.

والثاني من الوجهين: هو أن في مسألة إعتاق المديون يغرَم قيمته بالغة ما بلغت؛ لأن استحقاق تلك القيمة عليه باعتبار سببٍ يستحق به المالية من شراء أو غصب فيُقدَّر بقدْر القيمة، وأما في إعتاق الجاني فوجوب القيمة عليه باعتبار الجناية، وقيمة العبد بالجناية لا تزيد على عشرة آلاف درهم إلا عشرة (٦).

وببيان فرق هذين الوجهين تَعرف وجوه ما ذكرنا من القيود؛ لأنه لما كان المستحق في مسألة العبد المديون مالية الرقبة تبعًا للدين كان إيجاب القيمة بحسب اعتبار المالية والدين فيجب أقلهما؛ لأنه هو المُتيقَّن، وكذلك في إيجاب قيمته بالغة ما بلغت إذا كان الدين أكثر من قيمته؛ لأنه أتلف المالية بالإعتاق، وهذه المالية حق الغرماء فيضمنها لهم بالغة ما بلغت، كالراهن أعتق المرهون، والدين مؤجل، وكذلك إذا لم يتفاوت بين العلم وعدمه؛ لأنه لما كان هذا مُلحقًا بإتلاف مال الغير كان حكم هذا كحكمه، وهناك لم يختلف العلم وعدم العلم، فكذا هنا (٧).


(١) سقطت في (أ).
(٢) في (ع) (يقدم).
(٣) سقطت في (ع).
(٤) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٩٨)، تبيين الحقائق (٥/ ٢١٦).
(٥) سقطت في (أ).
(٦) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٩٨).
(٧) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٦/ ١٤)، تبيين الحقائق (٥/ ٢١٦).