للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[الفرق بين المريض والراكب]]

قلت:/ وعلى هذا الفرق يجب أن لا يبني في المكتوبة فيما إذا افتتحها راكبًا، ثم نزل؛ لأنه ليس له أن يفتتحها بالإيماء على الدابة عند قدرته على الركوع والسجود بالنزول/ ولذلك قيد المسألة في الكتاب (١) بقوله: فإن افتتح التطوع راكبًا، وذكر الإمام الإسبيجاني رحمه الله (٢): أن استقبال المريض فيما إذا صح في خلال صلاته إنما كان في المكتوبة ولا رواية عنهم في التطوع في حق المريض، فاحتمل أن المريض لا يستقبل أيضًا في التطوع فحينئذ لا يحتاج إلى الفرق، ويحتمل أنه مستقبل بخلاف الراكب والفرق ما بينا (٣).

قوله: لِأَنَّ إحْرَامَ الرَّاكِبِ انْعَقَدَ مُجَوِّزًا … إلى آخره. هذا الدليل في الفرق بين الراكب والنازل مما اختاره فخر الإسلام رحمه الله، وقال: قيل: في الفرق بينهما الركوب عمل كثير فيقطع والنزول عمل يسير، فلم يقطع، وهذا أمر مضطرب؛ لأنهما سواء عند عامة الناس أرأيت لو رفع، فوضع في السرج وضعًا، يعني: لا فعل منه أصلًا، ومع ذلك لا يجوز، ثم ذكر هذا الفرق الذي ذُكر في الكتاب، وعن أبي يوسف رحمه الله: أنه يستقبل إن نزل أيضًا كالمريض إذا برأ في خلال صلاته بالإيماء، وقدر على الركوع والسجود، فإنه يستقبل لئلا يلزم بناء القوى على الضعيف على ما ذكرنا (٤).

وفي «الجامع الصغير» لقاضي خان: وعن محمد رحمه الله الراكب إذا نزل يستقبل الصلاة، والنازل إذا ركب يبني؛ لأن الراكب إذا نزل لو استقبل كان مؤديًا جميع الصلاة بركوع وسجود، وهو أولى من أداء البعض بالإيماء، والبعض بركوع وسجود (٥)، والنازل إذا ركب لو استقبل كان مؤديًا جميع الصلاة بالإيماء، ولو بنى كان مؤديًا بعضها بركوع وسجود، فكان البناء أولى، وعلى قول زفر: يبني في الوجهين؛ لأن عنده يجوز بناء الصلاة بركوع وسجود [وهو أولى من أداء الأصل بالإيماء (٦) على صلاة افتتحها بالإيماء (٧).


(١) في ب كتاب الصلاة بدل من الكتاب.
(٢) هو: علاء الدين أو بهاء الدين علي بن مُحَمَّد بن اسماعيل السمرقندي الْإِسْبِيجَابِي، المعروف بشيخ الاسلام، لم يكن بما وراء النهر في زمانه من يحفظ مذهب أبي حَنِيفَةَ ويعرفه مثله، عمّر في نشر العلم، وسماع الحديث، تفقه على صاحب الهِدَايَة، له (شرح مختصر الطحاوي)، (المَبْسُوط) (ت ٥٣٥ هـ).
يُنْظَر: الجواهر المضية (٢/ ٥٩٢)، الفَوَائِد البهية (ص ٥٠٩).
(٣) انظر: البحر الرائق: ٢/ ٧١.
(٤) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٦٥.
(٥) - مكرر في ب (الصلاة بركوع وسجود، وهو أولى من أداء البعض بالإيماء، والبعض بركوع وسجود)
(٦) - ساقط من ب (فكان البناء أولى، وعلى قول زفر يبني في الوجهين؛ لأن عنده يجوز بناء الصلاة بركوع وسجود وهو أولى من أداء الأصل بالإيماء).
(٧) انظر: تبيين الحقائق: ١/ ١٧٨.