للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: الإيماء من المريض دون الإيماء من الراكب؛ لأن الإيماء من المريض بدل عن الأركان والإيماء من الراكب ليس بدل عنها؛ لأن البدل في العبادات اسم لما يصار إليه عند عجز (١) غيره، والمريض أعجزه مرضه عن الأركان فكان الإيماء بدلا عنها، والراكب لم يعجزه الركوب عن الأركان؛ لأنه يمكنه الانتصاب على الركابين، فيكون ذلك منه قيامًا (٢)، وكذلك يمكنه أن يخر راكعًا وساجدًا، ومع هذا أطلقه الشارع في الإيماء، فلا يكون الإيماء بدلًا عن (٣) فكان قويا في نفسه فلا يؤدي إلى بناء القوي على الضعيف (٤)، (٥)، فإن قيل: إذا كان الإيماء على الدابة قويًا في نفسه لماذا لا يجوز البناء إذا تحرّم نازلًا، ثم ركب أو أركب؟ قلنا: أما إذا ركب فلان الركوب عمل كثير، وأنه قاطع للتحريمة، وأما إذا أركب فلان الدليل يأتي جواز الصلاة راكبًا؛ لأن سير الدابة مضاف إلى راكبها، فيتحقق الأداء بخلاف النزول (٦) في أماكن مختلفة فحينئذ يتحقق الأداء في حالة المشي، وذا (٧) لا يجوز إلا أن في الشرع جعل الأماكن المختلفة كمكان واحد للحاجة إلى قطع المسافة وصيانة نفسه وماله عن التوى والتلف، فكان ابتداء التحريم نازلًا دليل استغنائه عما ذكرنا، فلما (٨) يجوز له البناء بعد ذلك. كذا في «الفوائد الظهرية» (٩).

وفرق في «المحيط» (١٠): بوجه آخر بين المريض الذي قدر في خلال صلاته على الركوع والسجود حيث يستقبل وبين الراكب إذا نزل حيث يبنى بالركوع والسجود هو أن في المريض ليس له أن يفتح الصلاة بالإيماء مع القدرة على الركوع والسجود، فكذلك إذا قدر على ذلك في خلال صلاته لا يبني إما له أن يفتتح الصلاة بالإيماء على الدابة مع القدرة على الركوع والسجود بالنزول، فكذلك قدرته على الركوع والسجود بالنزول لا يمنعه من (١١) البناء.


(١) في هامش الأصل: تعذر. كفاية.
(٢) - مكرر في ب (والراكب لم يعجزه الركوب عن الأركان؛ لأنه يمكنه الانتصاب على الركابين، فيكون ذلك منه قيامًا)
(٣) - في ب عنها بدل من غن
(٤) انظر: البحر الرائق: ٢/ ٧١.
(٥) في الأصل على الهامش الايسر زيادة: قيل: ما يكون في حق المريض ألا ترى أنه لما جاز المسح على الخفين مع قدرة على الغسل جاز اقتداء الغاسل بالماء صح. كفاية.
(٦) ساقط من ب (بخلاف النزول).
(٧) في ب فلا بدل من فلما.
(٨) في ب فلا بدل من فلما.
(٩) انظر: بدائع الصنائع: ١/ ١٨٥.
(١٠) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ١٤٠.
(١١) ساقط من ب (من البناء).