للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُلْتُ: فالمرويّ عنه: «مَا مَدَّ رَسُوْلُ اللهِ -عليه السلام- رِجْلَيْهِ بَيْنَ يَدَيْ جَلِيْسٍ قَطُّ» (١) وهذا من الشمائل، وإبداء الركبة على ما ذكر في بعض الروايات كناية عن هذا المعنى أيضًا، هذا كله [ممّا] (٢) أشار إليه في "المبسوط" (٣).

[نَظَرُ المرأة إلى الرجُل الأجنبي]

([ووجه] (٤) الفرق: [وهو] (٥) أنّ الشّهوة عليهن/ غالبة) (٦)، تفسير الفرق: هو أنّ الشّهوة لمَّا كانت غالبة عليهنّ قامت غَلَبَةُ الشّهوة مقام المتحقّق؛ لأنّ الغالب يقوم مقام المتحقّق (٧) في كثير من الصّور، حتّى أنّ وجوب العمل بخبر الواحد والقياس بسبب غَلَبَةِ الصدق وغَلَبَةِ الصحّة لا لحقيقة الصدق والصحّة (٨).

وكذلك تجويز أبي حنيفة/ صلاة من كان في السّفينة قاعدًا إنّما كان باعتبار دوران الرّأس غالباً فجعله كدورانه حقيقة (٩)، ولما اشتهى الرجل في نظره إلى المرأة كانت الشّهوة موجودة من الجانبين، فمن جانب المرأة حكمًا واعتبارًا ومن جانب الرجل حقيقة.


(١) أورد الغزالي في كتاب إحياء (٢/ ٣٦٦) كتاب (آداب المعيشة وأخلاق النبوة) برقم (٥): «مَا رُؤِيَ قطّ مَادًّا رجلَيْهِ بَين أَصْحَابه حَتَّى يضيق بهَا عَلَى أحَدٍ إِلَّا أَن يكون الْمَكَان وَاسِعًا لَا ضيق فِيهِ».
- قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء: أخرجه الدارقطني في غرائب مالك من حديث أنس، وقال: باطل. يُنْظَر: المغني عن حمل الأسفار في الأسفار للعراقي (ص ٨٤٨).
(٢) في (ب): (ما).
(٣) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٤٧).
(٤) في (أ): (وجه الفرق).
(٥) سقطت من (أ).
(٦) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٩٠).
(٧) الْغَالِب يَقُوْمُ مَقَامَ الْمُتَحَقِّق: قاعدة فقهية، معناها: أنه إذا تحقق قيام الحكم في غالب الشيء فإنَّه يُعتبر هذا الحُكْم كالثابت في بقية الشيء، فللأكثر حكم الأغلب، مثال ذلك في بعض فروع الحنفية: مقطوعة الأذن والذَّنَب في الأضحية تجزئ إذا بقي أكثرهما. ويُنْظَر: غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر (١/ ٢٤١).
(٨) يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ١٨)، البناية شرح الهداية (١٢/ ١٤٧)، رد المحتار على الدر المختار (٦/ ٣٧١).
(٩) يُنْظَر: تحفة الفقهاء (١/ ١٥٦)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (١/ ١٠٩)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (١/ ٢٠٣).