للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في الذَّخيرة: هذا إذا استويا في الإثبات. أمّا إذا كانت بيِّنة الكافر أكثر إثباتًا لا يُعتبر التّرجيح بالإسلام، حتّى أنّ ذمِّيًا لو ادّعى صبيًّا في يديْ رجُل أنّه ابنه وُلِد على فراشه، وأقَام على ذلك شاهدَينِ مسلمَينِ، وأقام عبدٌ بيّنة أنّ هذا الصَّبي ابنُه وُلِد على فراشه من هذه الأمَة قُضي الصَّبي للذِّمي، ولم يترجّح العبد بحكْم الإسلام، وإن كان خارجَين لأنّ بينة الذِّمي أكثر إثباتًالأنَّها تُثبِت النَّسب بجميع أحكامه (١).

(فهو له) (اعتبارًا للظاهر) فإنْ قيل: الظَّاهر يكفي للدَّفع لا للاستحقاق فلو ثبت الملك للقيط بهذا الظّاهر كان الظّاهرمُثبِت للاستحقاق وليس له ذلك. قلنا: بهذا الظّاهر تُدفع (٢) دعوى الغَير، ثمّ الظَّاهر أنْ يكون الأملاك في يد الملاك، وكذا الظّاهر يدلُّ على أنّ مَن وضعه ومعه المال، إنَّما وضعه لينفَق عليه منه.

(وكذا إذا كان مشدودًا) أي: إذا كان المال مشدودًا على الدَّابة.

(لِما ذكرنا) وهو قوله: (اعتبارًا للظّاهر) وكذا تكون الدّابة له، فقال في المبسوط: "وإذا وجد اللَّقيط على دابَّة فالدَّابة له لسَبق يدِه إليه، فإنَّ المركوب تَبَع لراكبِه، وهو كمالٍ آخر معه" (٣).

[[حكم التصرف في مال اللقيط]]

(ولاتَصَرّفه) أي: ولا يجوز تصرُّف الملتقِط في مالِ اللّقيط.

(والموجود في كلٍّ منهما، أحدهما) لأنّ الملتقِط له رأي كاملٌ، ولكنْ لا شَفَقة له، وللأم شفقة كاملة ولا رأي لها، بخلاف الأب لأنَّ له كِلَيهما جمعًا.

"التثقيف" (٤): تقويم المعوج بالثقاف، وهو ما يسوى به الرِّماح، ويُستعار للتّأديب والتَّهذيب.

(بخلاف الأم)؛ فإنّها تَملك استخدام ولَدِها وإجارته، والله أعلم بالصواب (٥).

[[المال مع اللقيط]]

كتاب اللقطة (٦)

تناسُب اللّقيط واللُّقطة ظاهرٌ، كأنّهما/ أَخَوان لأبٍ وأمّ لرجوعهما إلى أصل واحٍد في اللَّفظ والمعنى، فإنّ لفظ اللّقط مع معناه اللُّغوي، وهو الرَّفع، يجمعهما، وليس بِبِدَع أنْ يُتجاوز الأخوان لأب وأم، إلا أنَّ المنبوذ إذا كان من بني آدم خُصّ باللّقيط، وإذا كان مِن غيره خُصّ باللُقطة للفَرق بينهما.


(١) المرجع السابق.
(٢) في (ب) "يدفع".
(٣) المبسوط للسرخسي (١٠/ ٢١٦).
(٤) متن الهداية (لأنه من باب تثقيفه). الهداية في شرح بداية المبتدي (٢/ ٤١٦).
(٥) ساقط من (ب).
(٦) في (ب) "بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب اللقطة".
اللقطة: المال الواقع على الأرض سُميت بها لأنَّها تلتقط غالبًا أي تؤخذ وترفع والالتقاط الأخذ والرفع. وقيل: الالتقاط وجود الشيء من غير طلب. طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (ص: ٩٣).