للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وهذا يؤيد بعض ما ذكرناه) (١)، أي: يؤيّد قول أبي القاسم الصفار على ما ذكرناه (٢).

وفي "فتاوى قاضي خان"/: دليل على أنّ حياة المذبوح لو كانت متعينًا بها لا يشترط خروج الدم، لأنّه ذكر فيها: ولو ذبح شاة، أو إِبِلَاً، أو بقراً، [فتحركّت] (٣) بعد الذّبح وخرج منها دم مسفوح: تُؤْكل، ولو لم يتحرك، ولم يخرج منها دم مسفوح: لا تُؤْكل؛ لأنّ محلّ الذكاة هو الحي، ولم يوجد علامة الحياة [عند] (٤) الذبح، ولو لم يتحرك وخرج منها دم مسفوح، أو تحركت ولم يخرج منها دم مسفوح: أُكِلَت؛ لأنّ الحركة وخروج الدّم المسفوح علامة/ الحياة، وإن لم يعلم حياتها عند الذّبح: لا تُؤْكَل، وإن علم حياتها عند الذّبح: تُؤْكَل، وإن لم تتحرك ولم يخرج منها دم أصلاً (٥).

[رمى صيداً فقطع عُضْواً منه]

(لما بيّناه) (٦)، أي: لِمَا بيّنا أن [الرَّمْيَ] (٧) مع الجرح مبيح، فلما قطع العضو كان الجرح موجودًا لا محالة، فيحلّ (٨).

(ولا يؤكل العضو) (٩) وهذا يتصوّر في سائر الأعضاء غير الرأس (١٠).

(إن مات الصّيد منه) (١١)، قيَّد به؛ لأنّه لو لم يمت من القطع الذي حصل به الإبانة واحتيج إلى ذكاة أخرى فإن الْمُبَان لا يحلّ، ويحلّ المبان منه، كذا ذكره شيخ الإسلام/ (١٢)، وذكر أصلاً على قولنا في مسألة الإبانة في "الذّخيرة" فقال: الأصل في ذلك أنّ الصّيد إن كان يعيش بدون الْمُبَان، [فالْمُبَان] (١٣) منه يؤكل إذا مات من ضربه ورميه، والْمُبَان لا يؤكل، وإن كان الصّيد لا يعيش بدون الْمُبَان يؤكل الْمُبَان والْمُبَان منه جميعًا، مثال الأوّل: إذا قطع فخِذَه فأبانه، {و} (١٤)، مثال الثّاني: إذا قطع الرأس، وهذا لأنا {إنّما} (١٥) عرفنا حرمة المبان بالحديث الذي روينا (١٦)، والحديث تناول الْمُبَان من الحيّ الْمُطْلَق، والمطلق ينصرف إلى الكامل، فيتناول الحي صورةً ومعنىً، فإذا كان الصّيد يعيش بدون المبان فهذا مبان من الحي صورةً ومعنىً، فلا يحلّ، وإذا كان لا يعيش بدون المبان فهذا مبان من الحي صورةً ومن الميّت معنىً، فيحلّ (١٧).


(١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٥١).
(٢) يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٥٩)، العناية شرح الهداية (١٠/ ١٣١)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (٢/ ٥٨١).
(٣) في (ب): (فتحرك).
(٤) في (ب): (وقت).
(٥) يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (٣/ ٢٥٧)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (٢/ ٥٨١).
(٦) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٥١).
(٧) في (أ): (الزَّجْر).
(٨) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٠/ ١٣١)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٥٣)، الكفاية شرح الهداية (٤/ ١١٤٩).
(٩) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٢٩).
(١٠) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٣/ ٧٨)، تحفة الفقهاء (٣/ ٧٨)، رد المحتار على الدر المختار (٦/ ٣١٠).
(١١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٥١).
(١٢) يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٥٩)، العناية شرح الهداية (١٠/ ١٣١)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٥٣).
(١٣) في (أ): (والمبان).
(١٤) سقطت من (أ).
(١٥) سقطت من (ب).
(١٦) يقصدُ به ما أخرجه أبو داود في "سُنَنِه" (٤/ ٤٧٩ - ٤٨٠) كتاب (الصيد) باب (في صيدٍ قُطع منه قطعةٌ) برقم (٢٨٥٨) قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهِيَ مَيْتَةٌ».
- وأخرجه الترمذي في "سُنَنِه" (٤/ ٧٤) برقم (١٤٨٠)، وقال: وهذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث زيد بن أسلم والعمل على هذا عند أهل العلم.
- وصحَّحَه الألباني. يُنْظَر: صحيح الجامع الصغير وزيادته للألباني (٢/ ٩٨٧).
(١٧) يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ٤٤١).