للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَابُ القِصَاصُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ

[[مناسبة ذكر القصاص فيما دون النفس عقب القصاص في النفس]]

لما ذكر القصاص في النّفس احتاج إلى بيان القصاص فيما دون النَّفس إذ الجزء يتبع الكل.

(لِقَولِهِ تَعَالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} (١) (٢) ذكر في شرح الأقطع: فاقتضت الآية ثبوت القصاص فيما دون النفس.

وفي الإيضاح: فصار القصاص فيما دون النفس مشروعًا بهذه الآية والمماثلة معتبرة من حيث سلامة الأجزاء ولفظ القصاص ينبئ عن هذا (٣).

[كِبر اليد وصغرها لا يعتبر في القصاص]

(وَلا مُعْتَبَرَ بِكِبَرِ اليَدِ وَصِغَرِهَا (٤) فإن قلت: ما الفرق بين اليد والرأس حيث لا يعتبر التفاوت من حيث الصغر والكبر في اليد ويعتبر في الرأس، حتى أنَّ رجلاً لو شجَّ (٥) رجلاً موضحة (٦) فأخذت ما بين قرني المشجوج وهي لا تأخذ لما بين قرني الشَّاج لكبر رأس الشَّاج فإنَّ المشجوج يُخيَّر فإن شاء أخذ الْأَرْشَ، وإن شاء اقتص به ولا خيار في اليد مع أنَّ كل واحد من هذين العضوين لا تفاوت (٧) فيما اختص به من المنفعة.

قلت: إنما وقع الفرق بينهما من حيث التفاوت في الشيئين؛ لأنه لو شج الثاني مثل الأول في المشاجة كان في الشيئين دون الأول؛ لأن الشجة الأولى أخذت بين قرنيه وذلك القدر لا يأخذ بين قرني الشاج فقد عجز عن استيفاء حقه بكماله فيثبت له الخيار بخلاف اليد فالمعتبر هناك منفعة البطش فلعل هذه المنفعة في اليد الصغيرة أكثر منه في اليد الكبيرة.


(١) سورة المائدة من الآية (٤٥).
(٢) الهداية شرح البداية (٤/ ١٦٥).
(٣) يُنْظَر: بدائع الصنائع (٧/ ٢٩٧)، الهداية شرح البداية (٤/ ١٦٥)، تبيين الحقائق (٦/ ١١١)، العناية شرح الهداية (١٥/ ١٦٥)، البناية شرح الهداية (١٣/ ١٠٩).
(٤) الهداية شرح البداية (٤/ ١٦٥).
(٥) الشِّجَاج بالكسر، مفرده: شجة، وهو: القطع، والشق، يقال: شجت السفينة البحر، أي شقته، وشججت المفازة: قطعتها، والمراد به هنا: الجرح يكون في الوجه والرأس، ولا يكون في غيرهما من الجسم، وهو أنواع بحسب كبرها وصغرها.
يُنْظَر: المحكم والمحيط الأعظم (٧/ ١٧٤)، لسان العرب (٢/ ٣٠٣)، المصباح المنير (١/ ٣٠٥).
(٦) الموضحة: من الشجاج، وهي: التي توضِّح العظم وتبيِّنه، وقيل: هي التي تقشر الجلدة التي بين اللحم والعظم أو تشقها حتى يبدو وضح العظم.
يُنْظَر: الزاهر؛ للأزهري (٣٦٣)، تهذيب اللغة (٥/ ١٠٢)، مقاييس اللغة (٦/ ١١٩)، المغرب في ترتيب المعرب (٢/ ٣٥٩)، لسان العرب (٢/ ٦٣٥).
(٧) وفي (ب) (يتفاوت)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.