للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[حكم ما قبل الموضحة]]

فإن قلت: قد ذكر قبيل هذا متَّصلاً به (وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي الأَصْلِ: وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ: (١) يَجِبُ القِصَاصُ فِيمَا قَبْلَ المُوضِحَةِ (٢) (٣) ثم ذكر ههنا (فِيمَا دُونَ المُوضِحَةِ حُكُومَةُ عَدْلٍ (٤) مع أنَّ المراد بما دون الموضحة هو ما قبل الموضحة كيف ذكر اختلاف الحكم مع اتحاد الموضوع؟

قلت: الجواب عنه ظاهر وهو أنَّه فيما ذكر قبله لم يذكر (٥) مطلقاً.

بل قال: (وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رحمه الله - فِي الأَصْلِ (٦) فعلم بهذا أنَّ في غير الأصل الحكم على خلافه، وكان هذا الذي ذكره بعده في غير الأصل فكان حكمه على خلاف حكمه الذي ذكر في الأصل، وهذا لأنَّه لمَّا ذكر قبل ذلك (وَلا قِصَاصَ فِي بَقِيَّةِ الشِّجَاجِ (٧) وما قبل الموضحة من بقية الشِّجاج، فلمَّا لم يكن فيه القصاص لابدَّ [له] (٨) من حكم وذكر حكمه هنا بقوله: (وَفِيمَا دُونَ المُوضِحَةِ حُكُومَةُ عَدْلٍ (٩).

وذكر في «المبسوط» وإيجاب حكومة العدل في هذه [الشجاج] (١٠) أي: فيما دون الموضحة [مرويٌّ] (١١) عن إبراهيم (النَّخَعِيِّ (١٢) وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيْزِ (١٣) -رحمهما الله- (١٤) فإنَّها (١٥) قالا: ما دون الموضحة من الشِّجاج بمنزلة الخدوش ففيها حكومة عدل (١٦). (١٧)


(١) في هامش (أ) (مطلب مهم في بيان حكم مادون الموضحة).
(٢) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٢).
(٣) أي: فيما دون الموضحة في الأثر، يريد بذلك من الحارصة إلى السمحاق.
يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ٢٨٤)، البناية شرح الهداية (١٣/ ١٩٠).
(٤) بداية المبتدي (٢٤٥)، وهو لفظ المبسوط؛ للشيباني (٤/ ٤٤٣).
(٥) وفي (ب) (يذكره).
(٦) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٢).
(٧) بداية المبتدي (٢٤٥).
(٨) في (أ) مكررة.
(٩) بداية المبتدي (٢٤٥)، وهو لفظ المبسوط؛ للشيباني (٤/ ٤٤٣).
(١٠) سقط في (ب).
(١١) سقط في (ب).
(١٢) هو: إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي، أبو عمران الكوفي الفقيه، كان مفتي أهل الكوفة وكان رجلا صالحا فقيها، روى عن علقمة ومسروق والأسود، قال الشعبي: ما ترك أحدا أعلم منه. (ت ٩٦ هـ).
يُنْظَر: تهذيب التهذيب (١/ ١٥٥)، طبقات الفقهاء (١/ ٨٣)، تذكرة الحفاظ (١/ ٧٣).
(١٣) هو: عمر بن عبدالعزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، الإمام، الحافظ، العلامة، المجتهد، الزاهد، أمير المؤمنين، الخليفة، الراشد، وكان من أئمة الاجتهاد، قال حرملة: سمعت الشافعي يقول: الخلفاء خمسة: أبوبكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعمر بن عبد العزيز، توفي بحمص (١٠١ هـ).
يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (٥/ ١١٤)، تذكرة الحفاظ (١/ ١١٨).
(١٤) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٢).
(١٥) وفي (ب) (فإنهما)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(١٦) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ٧٤).
(١٧) حديث إبراهيم النخعي، رواه عبد الرزاق في مصنفه (٩/ ٣٠٧)، في (كتاب العقول)، في (باب الموضحة)، برقم (١٧٣١٩)، بلفظ «ما دون الموضحة حكومة». ورواه ابن أبي شيبة (٥/ ٣٥٢)، في (كتاب الديات)، في (باب فيما دون الموضحة)، برقم (٢٦٨١٦)، بلفظ «فيما دون الموضحة حكومة».
وحديث عمر بن عبدالعزيز، رواه عبد الرزاق في مصنفه (٩/ ٣٠٦)، في (كتاب العقول)، في (باب الموضحة)، (١٧٣١٦)، بلفظ «أن عمر بن عبدالعزيز كتب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقض فيما دون الموضحة بشيء». قال الزيلعي: وحديث عمر بن عبدالعزيز غريب.