للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجواز العقد مع القليل من الغرر لا يدل على الجواز عند كثرة الغرر، وبه فارق الكفالة؛ لأنها تحتمل الغرر والخظر، ألا يرى أنه يجوز تعليق أصل الكفالة، بأن يقول: ما ذاب لك على فلان فهي علي، وبه فارق خيار العيب والرؤية؛ لأنه لا يتمكن الغرر بسببه، وفي حديث عمر (١) -رضي الله عنه- أنه أجاز الخيار (٢)، وليس فيه بيان خيار الشرط، ولعلّ المراد به خيار الرؤية أو العيب، وأنه أجاز الرؤية بعد الشهرين" (٣).

(وله أنه أسقط المفسد قبل تقرره (٤)

[[المدة في خيار الشرط]]

أي: قبل مضي ثلاثة أيام، وأبو حنيفة - رحمه الله - يقول: أصل اشتراط الخيار غير مفسد للعقد، وإنما المفسد اتصال اليوم الرابع بالأيام الثلاثة (٥)، والاتصال ذكراً بعرض الفصل بالإسقاط قبل مجيء اليوم الرابع، فإذا سقط فقد تحقق الانفصال، وزال المعنى المفسد، فبقي العقد صحيحاً، كما لو باع جذعاً في سقف ثم نزعه وسلمه، وإذا مضى جزء من اليوم الرابع فقد تحقق الاتصال في ذلك الجزء وجوداً (٦) على وجه لا يمكن فصله بالإسقاط؛ لأن عمل الإسقاط فيما بقي لا فيما استوفى، فلهذا لا ينقلب العقد صحيحاً باختياره، ويستوي فيما ذكرنا أن يكون الخيار للبائع والمشتري، كذا ذكره الإمام السرخسي في الجامع الصغير (٧).


(١) بعد البحث وجدت أن هذا الأثر عن ابن عمر، وليس عن عمر، ومعظم كتب الأحناف كذلك، وهذا موافق لمتن الهداية، قال: "وقالا: يجوز إذا سمى مدة معلومة لحديث ابن عمر -رضي الله عنه- أنه أجاز الخيار إلى شهرين" الهداية (٣/ ٩٤٩).
(٢) قال الزيلعي في نصب الراية (٤/ ٨): غريب جداً. وقال في البناية (٨/ ٥٠): "هذا غريب جداً، والعجب من الأكمل أنه قال: ولهما حديث ابن عمر «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أجاز الخيار إلى شهرين» ونفس إسناده إلى ابن عمر لم يصح، فكيف يرفع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. وقال الأترازي: وقد روى أصحابنا في شروح "الجامع الصغير": أن ابن عمر شرط الخيار شهرين، كذا ذكر فخر الإسلام. وقال العتابي: إن عبد الله بن عمر باع بشرط الخيار شهراً، وقال في "المختلف" روي عن ابن عمر أنه باع جارية وجعل للمشتري الخيار شهراً، وكل هذا لم يثبت".
(٣) المبسوط السرخسي (١٣/ ٤١ - ٤٢).
(٤) ينظر: شرح فتح القدير (٦/ ٢٨٠).
(٥) ينظر: المحيط البرهاني (٧/ ١٧٠).
(٦) "وجوبا"في (ب).
(٧) ينظر: المبسوط للسرخسي (١٣/ ٤٢).