للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[النجاسة على بدن المصلي]]

وقد صرح/ الإمام التمرتاشي في باب المريض من صلاة «الجامع الصغير» (١)، فقال: وعن البقالي على بدن المصلي نجاسة لا يمكنه غسلها إلا بإظهار عورته يصلي مع النجاسة؛ لأن إظهار العورة منهي عنه، والغسل مأمور به، والأمر والنهي إذا اجتمعا كان النهي أولى.

والثاني: أن صيانة الفعل أولى من صيانة التسمية التي هي القول؛ لأن فضيلة العبادة يزيد بزيادة المشقة وهي في الفعل أكثر، ولذلك كان بناء الصلاة على الأفعال أكثر وأرسخ من بنائها على الأقوال لما عرف.

والثالث: أن البقاء أسهل من الابتداء فلما وجب ابتداء الفعل مع قوته لصيانة القول في النذر؛ لأن يجب البقاء الفعل مع ضعفه وسهولته لصيانة ابتداء الفعل أولى، ومما مر في «الوافي»: وإن صلى أربعًا أي: شرع في الصلاة بنية الأربع، فإنها لو كانت على حقيقتها لا يتصور إفساد الأخريين بعد تمامها (٢).

قوله: وَقَعَدَ ثُمَّ أَفْسَدَ الْأُخْرَيَيْنِ يصلي ركعتين إنما قيد بالقعود؛ لأنه لو لم يقعد وأفسد الأخريين يجب عليه قضاء الأربع، بالإجماع وقد ذكرناه قبيل هذا (٣).

قوله: يَلْزَمُ مَا شُرِعَ فِيهِ، أي: إتمام الركعة التي شرع فيها، وما لا صحة له إلا به، أي: الركعة الثانية، فإنه لا صحة للركعة الأولى بدون الثانية/ وقيل: يقضي أربعًا احتياطًا (٤)، وكان الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله يقول: يقضي أربعًا من قطعها في أي (٥) حال قطعها؛ لأنها بمنزلة صلاة واحدة حتى أن الزوج إذا خير امرأته وهي في الشفع الأول من هذه الصلاة أو أخبرت بشفعة لها فأتمت أربعًا لا تبطل شفعتها، ولا خيارها بخلاف سائر التطوعات، كذا في «الجامع الصغير» لقاضي خان رحمه الله (٦).

وهذه المسألة على ثمانية أوجه، وإنما انحصرت على الثمانية؛ لاقتضاء القسمة العقلية إياها، وهذه الأقسام كلها في الحقيقة في أقسام ترك القراءة لا في القراءة؛ لأن الفساد إنما جاء من قبل الترك، ولهذا لم يأت بما إذا أقرأ في الكل مع أن القسمة العقلية تقتضيه، ثم ترك القراءة لا يخلو إما إن كان في الكل أو في البعض، فلو ترك في الكل فهو الوجه الأول، وإن ترك في البعض فلا يخلو إما إن ترك في الشفع أو في الركعات، وإن ترك في الشفع فلا يخلو إما أن ترك فهو الوجه الأول، فإن كان في الشفع الثاني أو في الأول، فإن كان في الثاني فهو الوجه الثاني، وإن كان في الأول فهو الوجه الثالث وإن كان في حق الركعات، فلا يخلو ما إن كانت الركعة منفردة عن الشفع التام أو مختلطة به، فإن كانت منفردة عنه، فلا يخلو إما إن كان في ركعة أو ركعتين، فإن كان في ركعة فلا يخلو، إما إن كان في الشفع الثاني أو في الأول، فإن كان في الثاني فهو الوجه الرابع، وإن كان في الأول فهو الوجه الخامس، وإن كان في الركعتين فهو الوجه السادس، وإن كانت مختلطة بالشفع التام، فلا يخلو أما إن كان في الشفع الثاني مع إحدى ركعتي الأول أو على العكس، فالأول السابع، والثاني الثامن (٧).


(١) انظر: حاشية الطحاوي: ١/ ١٥٩.
(٢) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٥٥.
(٣) انظر: المرجع السابق.
(٤) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٦١.
(٥) ساقط من ب (أي).
(٦) انظر: بدائع الصنائع: ١/ ٢٩٢.
(٧) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٥٦.