للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَيْ: على المرء أن يترك ما حزّ في قلبه تحرزًا عن الإثم (١).

(إلا أن يكون مثلُه لا يملك مثل ذلك فحينئذ يستحب له أن يتنزه) (٢) ولا يتعرض [بشراء] (٣)، وذلك كدّرة يراها في يد فقير، أو يرى كتاباً في يد جاهل لم يكن في آبائه مَن هو أهلٌ له، فالذي يسبق إلى قلب كلٍّ أنه سارق لذلك العين، كذا في "المبسوط" و"الجامع الصّغير" للإمام المحبوبي/ (٤).

(فإن كان الذي أتاه بها) (٥) أي: بالجارية؛ لأنّ هذا كله مبني على قوله: (ومن علم بجارية أنّها لفلان فرأى آخر يبيعها) (٦) أي: {إن} (٧) أتى العبدُ أو الأَمَةُ بالجارية فقال العبد أو الأمة لغيره: إنِّي وهبتها منك أو بعتها منك؛ فليس للآخر أن يقبلها منه ولا أن يشتريها منه حتى يسأله عن ذلك؛ لأنّ المنافي للملك وهو الرِّق معلوم فيه، فما لم يعلم دليلاً مطلقاً للتصرف في حق من رآه في يده لا يحلّ له [الشراء] (٨) منه؛ لأنّه عالم أنّه لغيره، ويد المملوك ليس بمطلق للتصرف قبل الإذن من المولى؛ لأنّ المملوك لا ملك [له] (٩) فعُلِم أنّ الملك فيه لغيره (١٠).

[في بيع وشراء المملوك والأَمَة والصَّبِي]

(وإن لم يكن له رأي لم يشترِها؛ لقيام الحاجر) (١١) بالراء المهملة؛ أي: المانع، يعني أن الحاجر عن التصرف {ظاهر} (١٢)، فما لم يترجّح جانب الصدق بنوع دليل لا تعمل به (١٣).

وكذا الغلام الذي لم يبلغ حرًا كان أو مملوكًا فيما يخبر {أنه} (١٤) أذن له في بيعه، أو أن فلانًا بعث معه إليه هدية أو صدقة، فإن كان [أكبر] (١٥) رأيه بأنه صادق وسعه أن يصدقه للعادة الظّاهرة في بعث الهدايا على أيدي المماليك والصبيان وفي النزوع عن العادة الظّاهرة حرج بيِّن، وإن كان [أكبر] (١٦) رأيه أنّه كاذب لم ينبغِ له أن يقبل منه شيئًا؛ لأنّ [أكبر] (١٧) الرأي فيما لا يوقف على حقيقته كاليقين (١٨) (١٩).


(١) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٧٣).
(٢) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٠٠).
(٣) في (ب): (لشراء).
(٤) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٧٤)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٧/ ٤٨٦ - ٤٨٧)، العناية شرح الهداية (١٠/ ٥٦).
(٥) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٠٠).
(٦) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٢٣).
(٧) سقطت من (أ).
(٨) في (أ): (المشترى).
(٩) في (أ): (به).
(١٠) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٧٤)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٧/ ٤٨٧)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٢٦).
(١١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٠٠).
(١٢) سقطت من (ب).
(١٣) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٧٤)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٢٦)، العناية شرح الهداية (١٠/ ٥٧)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٧/ ٤٨٧).
(١٤) سقطت من (ب).
(١٥) في (أ): (أكثر).
(١٦) في (أ): (أكثر).
(١٧) في (أ): (أكثر).
(١٨) أَكْبَر الرأي فيما لا يُوْقَف على حقيقته كاليقين: قاعدة فقهية، معناها: أن الأمور التي لا تعلم حقيقتها، أو لا يمكن الوقوف عليها بدليل قطعي، وقد غلب على ظن المجتهد فيها حكم مبني على الاحتياط، فيجب عليه أن يعمل بموجب هذا الظن والرأي الغالب؛ لأن الوقوف على اليقين والحقائق في أكثر الأحكام متعذر، ومثالها: من كان أكبر رأيه أنه تسحر والفجر طالع فالمستحب له أن يقضي احتياطًا للعبادة. يُنْظَر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (٣/ ٣١)، موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (٢/ ٢٥٣).
(١٩) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٧٤ - ١٧٥)، الأصل للشيباني (٢/ ٢٥٦)، فتاوى قاضيخان (٣/ ٣٢٣).